: آخر تحديث

الإرهاب الكردي؟ جناية التعميم والإقصاء العنصري

0
0
0

أنا ابن الجزيرة السورية وأعرف ما هي (قسد – قوات سوريا الديمقراطية) وعن معاينة، لا قيل عن قال.

قسد لو أجرينا عليها توصيفاً بعيون منطقها السياسي وما تعلنه من برنامج وشعارات فهي:

⁃ ميليشيا لم تستطع أن تملك رؤية وطنية حضارية وإنسانية.

⁃ قسد ارتكبت انتهاكات عنصرية يعرفها أبناء تلك المنطقة: قتل، وتهجير، وتغييب في المعتقلات، وتعذيب وحشي يفوق ما يمكن أن تحسبه إذا خطر ببالك أن تقارنه بما تسمعه عن تاريخ التعذيب السياسي.

⁃ قسد تحاسبك على الكلمة وعلى منشور يمكن أن تختفي ولا تعود (علماً أن شعارها السياسي والأخلاقي هو الديمقراطية والعيش المشترك بكرامة).

⁃ قسد سرقت، بل نهبت خيرات البلد ومقدراته من دون أن يظهر أي شيء منها على مرافق البلد.

⁃ قسد تختار ما يمثل المكون العربي من عادات وثقافة ودين وتتعمد إهانته وتسفيهه.

⁃ قسد تصادر حق الآخرين في الوجود، فتطلق تسميات فيها من الغباء والمعابة ما يكفيها، فتسمي الجزيرة (كردستان أو روج آفا) علماً أن ستين بالمئة من أهل المنطقة هم عرب.

⁃ قسد صاحبة أول قناة قالتها صراحة إنها تحارب الإرهاب العربي السني، من دون لباقة سياسية أو عصمة أخلاقية.

⁃ قسد تصرح علانية أنها وكيلة أميركا في المنطقة المحاربة لتنظيم الدولة "داعش"، وهذا يعني أنها تخدم أجندات خارجية ضد أبناء هذا الوطن.

فمن تنظيم الدولة؟

⁃ قسد تعلم أن جلّهم عرب سوريون من أبناء الجزيرة ذاتها. هذا "الداعشي" الذي عاش ابن قسد عمره كله، وهذا جاره وزميله في المدرسة أو العمل أو فريق كرة القدم. هذا "الداعشي" الذي لم يتجاوز يوماً حدوده الأخلاقية والقانونية بحق ابن قسد، ولم يفرض عليه يوماً نمط عيش أو ثقافة أو معتقد، بل على العكس من ذلك كان دوماً ينظر باحترام وتقدير وإعلاء قيمة تجاهه. فالتنظيم "والدعشنة" هي ظروف سياسية مختلة ولعبة أمم تزول بزوال مسبباتها.

من المعيب أن تجد كثيراً ممن يدعي الوطنية واحترام حرمة الوطن وكرامة المواطن السوري، فنسمع منه صباح مساء تقريظاً وتضامناً مع قسد، وكأن الذين عبّرت عن بعض مآسيهم ومظالمهم بسبب قسد، كأنهم لا يرتقون إلى مستوى البشر.

■ ولكن:

أولاً: أعتذر عن العنوان غير الصحيح (الإرهاب الكردي) الذي عنونت به قصداً حتى يشعر السوري (القسدي) فجاجة التعميم والعنصرية، ويعرف مقدار إيلامها وظلمها ومجافاتها الحقيقة، خاصة أنه هو ومن يتضامن معه صاروا كل يوم يتحدثون عن قضية وهمية وكأن لا أحد هناك غيرهم.

ثانياً: الكردي السوري هو ابن هذه المنطقة شاء من شاء وأبى من أبى، ولا حاجة بأحدنا أن يترك المنطق التاريخي الإنساني الحضاري ليستعيض به، فينبش في مزابله (مزابل التاريخ الهمجي) ويدعي أن هذا جاء من تركيا، وذاك قبل مئة سنة لم يكن هنا، فهذا الزعم، صح أم بطل، لا يعدل من حقيقة أن الكردي هو اليوم ابن هذه الأرض.

ثالثاً: الكردي أخي وجاري شاءت ذاك لي فطرتي ووطنيتي وأخلاقي، أم أبت علي عنصريتي وهمجيتي وغسالة عقلي القطيعي. وأنا أخو جاري الكردي، بل كل كردي سوري، شاء من شاءت له أخلاقه وفطرته ورقيه ومدنيته، أم أبى من أبت عليه قطيعيته وغسالة دماغه وأمراضه.

رابعاً: المواطن الكردي السوري ظلم زمناً طويلاً في ثقافته وقوميته وأصله الطيب، وعانى ما يعاب عليه التاريخ السياسي المعاصر للمنطقة.

خامساً: الكردي السوري تعرض في السنوات الأخيرة لمجازر وانتهاكات وتهجير وظلم يشتكي منه الظلم.

سادساً: لا غنى لسوريا عامة والجزيرة خاصة من دون هذا التنوع الثرّ المثري، وابن الجزيرة يعرف جيداً بساطة مواطن الجزيرة من أي مكون كان. وقد عشت وعرفت السوري الكردي في المدرسة والحارة والملعب، عرفت طيبة معدنه وشهامته وبساطة طويته ورقي معشره، عرفته جاراً وصديقاً وأخاً وزميلاً وخصم رياضة، ولم يخطر على باله أو بالي أن قذارة السياسة وألاعيب الأمم ستحاول أن تجعلني خصم سلاح ووجود له أو لي.

■ عود على بدء:
علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا جميعاً، فقسد مثلها مثل غيرها من قوى السلاح، قوة غاشمة لا تمثل إلا سلاحها، وقد اقترفت موبقات كثيرة، وليس جديراً بنا نحن السوريين أجمعين الدفاع عنها أو قبولها ممثلاً عنّا، فهي ليست أكثر من إساءة ووصمة، يراد منها أن تلطخ تاريخاً إنسانياً مظلوماً، ويراد لهذا التاريخ ألا يُنصف، بل يضاف عليه جنايات غيره.

■ للتذكير:
حين كنا نخرج في مظاهرات مدينة رأس العين، وأنا ابن رأس العين، ظلت مظاهراتنا صورة حية عن الرقي والحب والمواطنة والوطنية منذ أول يوم لها حتى وأدتها أخوّة السلاح وأخوته، ولم نكن نتعرض إلى إطلاق نار خلا مرة واحدة من مصدر مجهول، ولا إلى غيره من عناصر أمن النظام السابق (كانوا يكتفون بالتصوير والضغط النفسي من خلال تقصد إظهار وجودهم محيطين بالمتظاهرين)، وكانت شعارات المتظاهرين من أبدع ما تكون عليه المواطنة والوطنية وما يليق بسوريا وشعبها ورقيها. بيد أن عناصر قسد (وكانت يومها حزب العمال ومواليهم وحزب صالح مسلم) هاجموا المظاهرات أكثر من مرة واشتبكوا بالأيدي وأحياناً بالعصي والهراوات (ولا أعلم أنى لهم هراوت أمنية؟!)، وأنا شخصياً شاهد على اثنتين منها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.