أعتقد أنه مع كل نجاح كبير، تولد موجة تشويش، ومع كل إنجاز مؤثر، يُفتح باب من الحسد والافتراء. والإمارات، بما وصلت إليه من حضور عالمي وإنجاز داخلي، لا يمكن أن تسلم من حملات الحاقدين والكارهين أو أصوات النشاز. غير أن الامارات، بلا شك، وبفضل قيادتها الحكيمة ووعي مجتمعها، استطاعت دائماً أن تتجاوز الضجيج وأن ترد بلغة الإنجاز لا الجدال.
وفي الحقيقة فإننا نرى أن أحد أهم ركائز الدولة في مواجهة المخاطر والتحديات هو إيمان القيادة الراسخ بأن قوة الإمارات تكمن في وحدتها. فالوحدة الإماراتية ليست مجرد بناء سياسي، بل شعور جمعي بالانتماء والمسؤولية، جعل المواطن يرى نفسه شريكاً في صنع القرار وحماية المنجز. وفي الحقيقة، كذلك أن هذه العلاقة بين القيادة والشعب هي الدرع الحقيقي الذي تحتمي به الدولة من محاولات التحريض أو التشويه، انطلاقاً من قناعة القيادة الرشيدة بأن "الحكومة المتميزة ترى أن كل مواطن ثروة وطنية وبناء الدولة لا يعتمد على الحكومة فحسب بل هو واجب على كل مواطن ومقيم في الدولة" كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في كلمته بالقمة الحكومية عام 2015.
نعتقد أن الأصوات التي تهاجم الإمارات لا تفعل ذلك لأن الإمارات ضعيفة، بل لأنها قوية ومؤثرة في محيطها وعالميا. الدول الصغيرة التي لا تمتلك شيء لا تُستهدف، لكن تستهدف الدول العظيمة والتي تمتلك الإنجازات ومفاتيح النجاح، إنها تُحارَب لأنها تصنع التغيير وتؤثر في كل الاتجاهات. ولذلك، فإن وجود مناوئين وحاقدين هو الثمن الطبيعي للنجاح. والحقيقة أن الإمارات لا ترد بالغضب، بل بالثقة. وفي هذه النقطة تحديداً، تتجلى حكمة القيادة في الامارات حين تختار الصمت الذكي بدلاً من الجدل العقيم، والإنجاز الصامت بدلاً من الادعاء الخطابي.
وعلينا ان نرى بوضوح أن هذه العزيمة الإماراتية هي التي تواجه السهام المسمومة والإشاعات المتكررة، فكل إنجاز إماراتي جديد يقابَل بحملات تشويه مكشوفة المصدر ومعروف من هم الداعمين والممولين لها. لكن أعتقد جازماً أن الدولة التي تملك مشروعاً وطنياً عميقاً لا يزعجها الضجيج العابر، بل تستمد منه مزيداً من الإصرار على التميز والتفوق.
والحقيقة أن من أبرز ما يميز المشهد الإماراتي اليوم هو وجود قيادة استثنائية بشخصية كاريزمية مؤثرة، تحظى باحترام وتقدير دولي غير مسبوق. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتردد في وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد -رئيس الدولة- بـ"المحارب العظيم والرجل القوي" مضيفاً أنه "يحظى باحترام كبير في الشرق الأوسط"، كما وصفه بأنه "قائد رائع" و"صاحب رؤية فريدة". ونعتقد أن هذه الإشادات الدولية من أقوى رؤساء العالم ليست مجرد مجاملات دبلوماسية، بل هي اعتراف صريح بقوة الشخصية القيادية لسمو الشيخ محمد بن زايد والتي تجمع بين الحكمة والحزم، والرؤية الاستراتيجية والشجاعة في اتخاذ القرارات التاريخية.
بلا شك، فإن أعداء الوطن يدركون جيداً أنهم يواجهون قائداً لا يتردد في الدفاع عن مصالح بلاده، قائداً يهابه خصومه ويحسبون له ألف حساب، لأنهم يعلمون أن غضبه قد تكون نتائجه مؤلمة ومكلفة لهم. ونرى أن هذه الهيبة القيادية تشكل عامل ردع استراتيجي يجعل الكثيرين يعيدون حساباتهم مراراً قبل التفكير في استفزاز الإمارات أو المساس بمصالحها.
لقد أثبتت التجربة أن الإمارات تتعامل مع الأزمات والمنغصات بنفس الروح التي تبني بها المشاريع، بالعلم، والتخطيط، والعزيمة، لا بالانفعال. فحين واجهت التحديات الإقليمية والاقتصادية والإعلامية، لم تغير مبادئها، بل حافظت على منهجها القائم على الاتزان والبراغماتية الذكية. ونلاحظ أنه في أصعب اللحظات، كيف كانت الإمارات هي صوت العقل حين يسكت الآخرون، ووسيط الحكمة حين يشتد الخلاف.
والحقيقة التي نراها أن ما يميز دولة الامارات أنها لم تسع يوماً إلى الصدام، لكنها لم تتراجع أمامه إن فرض عليها. فالتاريخ الدبلوماسي والسياسي لدولة الامارات حافل بمواقف تؤكد صلابة المبدأ دون المساس بالعلاقات الدولية. إنها سياسة لا تعرف التسرع ولا الرعونة، بل تقوم على الفهم العميق للمصالح والمخاطر. وهذا بلا شك ما جعلها دوماً دولة الامارات يُحسب حسابها في التوازنات الإقليمية والدولية، انطلاقاً من قناعة أساسية ان الامن هو الأساس والسور الذي يحمي دولة الامارات، و بأن احد اقوى رموز الامن هو قواتنا المسلحة، وكما أكد رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في أكثر من مناسبة، أن الأمن والاستقرار أساس كل تنمية ونهضة، وأن "قواتنا المسلحة ثروة الوطن وحصنه ورمز للاتحاد".
وعليه فإنني أعتقد أن التجربة الإماراتية في إدارة الاستهداف الخارجي تُدرّس اليوم كنموذج في بناء المناعة الوطنية. فحين تتكامل القيادة مع الشعب، وتتماسك المؤسسات، يصبح الهجوم الخارجي بلا أثر حقيقي. ونرى أن القوة هنا ليست في الجغرافيا أو العسكر فحسب، بل في المنظومة الفكرية والنفسية التي تؤمن بأن الوطن فوق كل اعتبار، وبأن "الإنسان أساس أي عمل حقيقي لصنع التقدم، وأن الإخلاص والإيثار لأجل الوطن هو الذي يحقق المنجزات، وقبل كل ذلك أن الوحدة وائتلاف القلوب والولاء للوطن هي الأسس الراسخة" التي أقام عليها زايد وإخوانه صرح الدولة، كما أكد الشيخ محمد بن زايد في كلمته بمناسبة عيد الاتحاد الـ52.
وبالتالي تبقى الحقيقة الواحدة أن الإمارات خلقت لنفسها موقعاً لا ينازعها عليه أحد، ليس بالقوة فقط، بل بالاحترام الذي فرضته على العالم. ونعتقد أنها تمثل فكرة الدولة التي تعرف وزنها وحدودها، وتدرك أن الطريق نحو العالمية لا يُعبّد بالصدف، بل بالوعي والإصرار. فكما قال الشيخ محمد بن زايد في كلمته التاريخية بمناسبة اليوم الوطني الـ49: "ندخل العام الخمسين من عمر دولتنا الفتية وتجربتنا الوحدوية الفريدة ونحن أكثر قوة وثقة في النفس والقدرات.. وأشد عزماً على بلوغ أهدافنا خلال الخمسين سنة المقبلة". والحقيقة أن تلك الثقة والعزيمة هما سر استمرار الصعود الإماراتي وتحوّله من نموذج وطني إلى ظاهرة سياسية وإنسانية عالمية.

