: آخر تحديث

قمة شرم الشيخ وعودة الحياة

4
4
3

لقد عاد أهل غزة إلى ديارهم مجددًا، رغم كل الدمار الذي حصل في مدينتهم التي كانت قبل الحرب جميلة كما يصفها الغزاويون، ونتمنى أن تكون هذه آخر أحزان أهل فلسطين في كل مكان. نحن كعرب ومسلمين نتابع المشهد من بعيد نشعر بالحزن والألم - دون أدنى شك - ونحن نشاهد عبر القنوات الفضائية حجم الدمار الذي لحق بالفلسطينيين ومدنهم ومنازلهم وقراهم، لكن في الوقت نفسه لن يكون هذا الإحساس يوازي إحساس من عاشوا المآسي، وتجرعوا مرارة الفقد، وخسروا كل شيء.

والمحزن المبكي في هذا الأمر أنَّ هناك من الفلسطينيين من يتحدثون عن فرحة العودة إلى مدنهم ومنازلهم وهم قد فقدوا الأهل والأبناء والأصدقاء، لكنهم يتحدثون بروح العودة والاستمرار في الحياة وتقديم ما تتطلبه المرحلة. بعضهم في قمة فرحه بالعودة، وفي الوقت نفسه لا يملك بيتًا لأطفاله ولا حتى خيمة يستطيعون النوم فيها، ومع ذلك إحساسه بالفرح كان مختلفًا.

العالم اليوم صفق لكل الجهود التي بذلت من أجل إيقاف الحرب، ورحب بعودة الحياة لطبيعتها في غزة وكل مدن فلسطين، وما زالت الجهود قائمة حتى الآن، وسيكون هذا الأسبوع مصيريًا للقضية الفلسطينية. فتمسك دول المنطقة بالسلام العادل الذي يعيد للفلسطينيين حقهم المسلوب منهم يعزز من توثيق اتفاق السلام، ويعيد الاستقرار للمنطقة.

إنَّ تحرك الولايات المتحدة بقيادة رئيسها دونالد ترامب كان متأخرًا، لكن في ذات الوقت النتائج اليوم جيدة لو استمرت اتفاقية السلام بكل تفاصيلها، وقد يخشى الفلسطينيون والعرب والمسلمون أي إخلال بالاتفاقية من الطرف الإسرائيلي، فلم نعهد عنهم التزامًا بمواثيق أو عهود سابقة. وبالرغم من الضمانات الأمريكية في خطوة مهمة كهذه، يبقى القلق يراود الفلسطينيين والعرب من وقت لآخر، وكذلك من الجانب الآخر، حماس لا يمكن الجزم بابتعادها عن المشهد السياسي في غزة.

في قمة شرم الشيخ، الكل ينتظر نهاية هذه الحرب بشكل فعلي وتنفيذ كل بنود الاتفاقية من الطرفين، وتصبح الأمور في الإطار الذي يحقق نجاح المرحلة الأولى من الاتفاقية والتقدم نحو المرحلة الثانية. العالم اليوم بمختلف دياناتهم وتوجهاتهم يتطلعون لحل هذه الأزمة، والإسرائيليون أنفسهم باتوا متيقنين أنَّ بنيامين نتنياهو تعمد أن يبقي الرهائن لدى حماس، حتى تكون حجته قوية في قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وتدمير القطاع بالكامل، حتى لا تصبح الحياة فيه ممكنة، ويضطر الفلسطينيون إلى ترك غزة والهجرة إلى مكان آخر أكثر أمنًا.

وفي الحقيقة، أنَّ الشعب الفلسطيني صمد، وبقي صامدًا حتى نجح في تعرية نتنياهو أمام العالم، وعلى وجه الخصوص عند شريحة كبيرة من الشعب الإسرائيلي الذي بات يصفه البعض بمجرم حرب يجب محاسبته.

اليوم، كل التطلعات تذهب نحو أمر ليس بمقدورنا التيقن منه في هذا الوقت، وهو يتمثل في سؤال عريض يسأله الفلسطيني والعربي: هل بعد هذه الاتفاقية ونجاحها ستقبل إسرائيل بوجود دولة فلسطينية مجاورة لها؟ الأيام كفيلة بالجواب عن هذا السؤال المهم. ما يهم اليوم هو توقف الحرب وحقن دماء الفلسطينيين الأبرياء وعودة الحياة لهم، والتقدم نحو إعمار غزة، وكل المدن المدمرة. وهذا عمل شاق يتطلب جهدًا وإمكانيات لن يعجز الشعب الفلسطيني عن إتمامه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.