تبقى الأخبار القادمة من غزة في غاية المأساة والحزن، ولم يحدث شيء حتى الآن بعد قرار خطة ترامب المتضمنة قرار السلام الذي يفرض على الإسرائيليين إيقاف الحرب واعتماد دولة فلسطين بالشروط التي يتوقعها العالم والمتمثلة بتسليم سلاح حماس وإعطائهم حرية الخروج من غزة أو البقاء فيها دون سلطة أو حتى مشاركة في القرار، وفي حقيقة الأمر لا يبدو أن حماس تملك التقدير المناسب للأزمة، وليس بمقدورها تخيل ماذا سيحدث لكل ما بقي في غزة من بشر ومكونات تسمح ببقاء هذا الشعب على قيد الحياة حين لا تتفاعل مع خطة السلام المطروحة، المشهد أكثر سوءاً مما سبق، لو لم تفعل حماس الخطوة الأهم لإنقاذ الشعب المغلوب على أمره فإنها ستقدم لإسرائيل خدمة لم تحلم بها، وستمنحهم الضوء الأخضر لتصفية كل الفلسطينيين في غزة، لا يوجد مسلم في هذا العالم يعتقد أن حماس بقليل من الصبر ستحقق النصر على إسرائيل، المعطيات في هذه الأزمة أشبه بعملية انتحار حقيقية يجب أن يسعى العالم العربي لفعل كل سبل الإنقاذ.
لا يمكن أن تكون التفاصيل في اللقاء الأخير بين ترامب رئيس الولايات المتحدة ونتنياهو رئيس وزراء إسرائيل واضحة بالقدر الذي يجعلنا نضع للأمل خطوات إيجابية في المرحلة القادمة، بين هذين الرئيسين خفايا لا تجعلنا نثق في كل ردود الفعل التي يفتعلها ترامب من موقف وتعنت إسرائيل، وما زال نتنياهو يمضي في كل اتجاه حاملاً ورقة الاعتداء الذي حدث في 7 تشرين الأول (أكتوبر) قبل عامين، ونحن اليوم ندخل العام الثالث وما زالت هذه الورقة تحضر في كل اجتماعات ولقاءات السلام المطروحة منذ ذلك التاريخ المشؤوم.
خطة السلام المطروحة مؤخراً والتي وافقت عليها دول كثيرة في المنطقة على رأسها السعودية والإمارات وقطر والأردن ومصر تحتاج إلى عمل مشترك يرتبط أولاً بحماس ثم بعد ذلك تأتي الخطوات الأخرى، لن تستفيد حماس من المماطلة في اتخاذ القرار، ولن تستفيد أيضاً من الرفض لو قررت رفض الخطة أو أملت شروطاً لإنجاح الخطة كما تعتقد.
ما زال هناك أمل لموطئ قدم للدولة الفلسطينية لم يُفقد بعد، وينتظر من حماس أن تعي جيداً معنى هذا الكلام وحجم خطورته، قد تخسر القضية الفلسطينية هذا التعاطف والتأييد العالمي إذا أصرت حماس على التمسك بالانتصارات الوهمية التي ليس لها تأثير ملحوظ على أرض الواقع.
لا أحد يتمنى فشل الخطة المطروحة حتى لا ندخل في دوامة أكثر قسوة مما سبق وقد تكون نهاية قضية عادلة - لا سمح الله - أرهقت العالم العربي والإسلامي سنوات طويلة، ومن خلالها قد تُفتح قضايا جديدة في المنطقة، فالعدو الإسرائيلي لا يُؤمن جانبه، ما زال العالم العربي يؤمن أن القضية الفلسطينية الدرع الحقيقي لكبح جماح العدو الإسرائيلي، وهذا ما يجب أن تفهمه حماس وتسير بموجبه إلى بر الأمان.