: آخر تحديث

الدبلوماسية السعودية بين الخشية الإسرائيلية والتخوف الحمساوي

10
8
7

موقف إسرائيل بمنع الزيارة المقررة لوزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية السداسية يظهر مدى تخوفها من المسار الدبلوماسي الذي تقوده المملكة العربية السعودية؛ وهو جبهة دولية تضم الدول العربية وأطرافًا دولية وازنة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

مؤشر هذا الموقف يوضح قوة التحرك العربي وجملة المتغيرات الحاصلة في المنطقة واستقرارها وفقًا للرؤية السعودية. وفي المقابل، يعكس تخبط إسرائيل واهتزاز دورها إقليميًا ودوليًا أمام مدّ الاعترافات الدولية المزمعة بدولة فلسطين.

بعيدًا عن أسباب الزيارة التي تأتي في سياق إظهار صيغة سياسية لدعم الشعب الفلسطيني وتأييد النهج الإصلاحي لقيادة السلطة الفلسطينية، فإن العرب يدركون النهج اليميني الصدامي لحكومة بنيامين نتنياهو، ويدركون مخططاتها لوأد حل الدولتين عبر إجراءاتها لتقويض الكيانية السياسية الفلسطينية. وبالتالي، فإن منعها للزيارة لن يُلغي الرسائل السياسية التي أوصلها العرب لدول العالم أجمع عبر المؤتمر الصحفي لوزراء الخارجية الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمّان، والذي تُوِّج بلقاء مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. بل ساهم هذا الموقف في خلق زخم سياسي دفع بمجمل التحولات الدولية، خاصة الأوروبية، لجعل الصراع بطابعه السياسي المتشابك مع بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية أكثر صلابة.

عبثية المنع الإسرائيلي تتجلى في الإنجازات المتعلقة بملف الإعداد للمؤتمر الدولي لحل الدولتين، المزمع عقده في الأيام القليلة المقبلة في نيويورك، داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أن دلالات الموافقة الأميركية على مكان الانعقاد من جهة، وعدم عرقلته من جهة أخرى، تحشر حكومة بنيامين نتنياهو في هامش سياسي ضيق، وتعطل ذرائع استمرار الحرب مع ميليشيا حماس، التي فصلت وجودها على المقاس الإسرائيلي منذ سنوات سبقت كارثة السابع من أكتوبر، بهدف ضرب أدوات النضال الفلسطيني التي تشكلت ما بعد مرحلة اتفاق أوسلو؛ مثل المقاومة الشعبية السلمية، الديمغرافية الفلسطينية، والمسارات السياسية والقانونية والدبلوماسية المستندة إلى الشرعية الدولية لتحقيق الدولة الفلسطينية.

الرهان على سقوط حكومة بنيامين نتنياهو دون إنهاء حماس بات رهانًا ضعيفًا، فبالرجوع أشهرًا قليلة إلى الوراء، وتحديدًا عندما انسحب إيتمار بن غفير من الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، كانت أمام حركة حماس فرصة حقيقية لإسقاطه. لكن بعد رفضها لما عرضه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في شهر آذار (مارس) الماضي، مدت بذلك يد العون لنتنياهو، وبقي ائتلافه متماسكًا، بل عاد إليه بن غفير وفي منصبه وزيرًا للأمن الإسرائيلي، علمًا أن ما هو معروض اليوم أقل مما تم عرضه في شهر آذار (مارس).

بتجاوز ما حصل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) المشؤوم، وتوقيته وأسبابه وتداعياته التي ألقت بظلالها على المنطقة وفرضت معادلات سياسية وجودية حددت نفوذ دول وميليشيات، يستشرف اليمينان الإسرائيلي والفلسطيني خطورة المسار الدبلوماسي السعودي بجبهته الأممية على مخططاتهما وبقائهما في مسرح الأحداث، خاصة أن المؤتمر الدولي سيخوض في مضمارين: مضمار تنفيذ حل الدولتين ضمن جدول زمني تقوده المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، وهو ما يهدد مخططات اليمين الإسرائيلي ورأسه بنيامين نتنياهو. ومضمار إعادة إعمار قطاع غزة الذي تقوده جمهورية مصر والمملكة المتحدة، وهو ما يهدد فرص بقاء حكم وسلطة اليمين الفلسطيني، المتمثل بحركة حماس في القطاع.

صخب الحرب في قطاع غزة وضجيجها المستمران سيعززان الحراك السياسي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وسيعجلان بخلق أفق دبلوماسي للتقدم نحو تحقيق الاستقرار الشامل في المنطقة، وذلك عبر أسس تضمن حقوق الشعوب الراغبة في إيجاد صيغة للتعايش السلمي والأمن والكرامة، كضرورة استراتيجية يؤمن بها جميع الأطراف لإنهاء هذا الصراع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.