: آخر تحديث

محمد بن سلمان يُعيد رسم خارطة المنطقة بأجندة واضحة وطموحة

1
1
1

في زيارته الأخيرة إلى الرياض، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مجموعة من الصفقات الضخمة التي أثارت اهتمامًا واسعًا في الصحافة الأميركية والعالمية، حيث وصفت صحيفة The Guardian هذه الصفقة بأنها الأكبر في تاريخ مبيعات الأسلحة الأميركية، وتشمل تزويد السعودية بمعدات عسكرية متطورة لتعزيز قدراتها الدفاعية في مجالات الجو والبحر والحدود. أما صحيفة Los Angeles Times فأفادت بأن ولي العهد السعودي أعلن عن نية المملكة استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة مع التركيز على قطاعات التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية. وذكرت وكالة Reuters أن شركات أميركية مثل Nvidia وAMD وقّعت اتفاقيات لتزويد السعودية بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك توريد آلاف الشرائح الإلكترونية المتقدمة، وذلك في إطار خطة المملكة لتصبح مركزًا عالميًا في هذا المجال.

الصحافة الأميركية رأت أنَّ السعودية هي الرابح الأكبر من هذه الصفقات، بل ذهب بعضها إلى التكهّن بأن محمد بن سلمان يمتلك من الدهاء ما جعله يتسيّد منطقة الشرق الأوسط، وهذا بنظر الأميركيين يشكل قلقًا على مصالحهم الاستراتيجية وتوازن القوى السياسية في الشرق الأوسط. وهذا ما أوضحته صحيفة The Guardian التي أبدت قلقًا من أن هذه الصفقات قد تعزز من نفوذ السعودية في المنطقة وتؤثر على توازن القوى، خاصة في ظل التوترات مع إيران. صحيفة The New York Times بدورها تساءلت عن مدى شفافية هذه الاتفاقيات وإمكانية تنفيذها بالكامل، مشيرة إلى أن بعض التفاصيل لا تزال غير واضحة، بينما ركّزت صحيفة The Wall Street Journal على الجانب الاقتصادي، معتبرة أن هذه الصفقات قد تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين في مجالات متعددة.

الصحافة الأميركية تناولت هذه الصفقات من زوايا متعددة، بين من يرى فيها فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية، ومن يحذّر من تداعياتها السياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. بعض المحللين الأميركيين يرون بأن ذكاء محمد بن سلمان وامتلاكه المال استطاع أن يحصل مقابله على صفقات تسليح ودعم تقني وذكاء اصطناعي ولوجستي في دعم الصناعات العسكرية السعودية، مقابل تعطّش الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحصول على المال، وربما هذه السياسة سوف تعزز مكانة المملكة العربية السعودية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وتجعلها اللاعب الرئيسي والأقوى في منطقة الشرق الأوسط.

السؤال الذي يُطرح هنا: ماذا بعد هذه الصفقات المليارية؟!

الصفقات الضخمة، خصوصًا في التسليح، تعني أن السعودية ستكون أحد أهم الحلفاء العسكريين لأميركا في المنطقة، وهذا سيعطيها وزنًا استراتيجيًا أكبر، خاصة في وجه التهديدات الإقليمية مثل إيران أو الحوثيين.

بما أن هناك استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع شركات مثل Nvidia وAMD، فالمملكة لديها توجّه قوي في مجال الصناعات التقنية العالمية كالمدن الذكية وصناعة الروبوتات والمعالجات المتقدمة. أضف إلى ذلك أن هذه الصفقات بلا شك سوف تعيد توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وسوف تؤدي إلى تراجع نفوذ بعض القوى الإقليمية وتعزز مكانة المملكة العربية السعودية كمحرّك رئيسي للتغيير الجيوسياسي في المنطقة.

من جانب آخر، بما أنَّ السعودية تستثمر في التكنولوجيا والبنية التحتية الأميركية، فإنها في المقابل تسعى لتوطين الخبرات وتشجيع نقل التقنية، فالمواطن السعودي سوف يشهد التغيير في جودة الخدمات التي تقدمها المملكة، ويزيد من فرص العمل في مجالات جديدة، وستشهد المملكة تقدمًا كبيرًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

من جانب آخر، تحققت مساعي سمو الأمير محمد بن سلمان في رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بهدف دعم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد. يُظهر هذا التطور تحوّلًا كبيرًا في العلاقات الإقليمية مع سعي السعودية لتوسيع نفوذها ودعم الاستقرار في سوريا. الأمير محمد بن سلمان يُعيد رسم خارطة المنطقة، والمملكة اليوم أصبحت لاعبًا إقليميًا وعالميًا بأجندة واضحة وطموحة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.