: آخر تحديث

شهيد حقوق الإنسان كاظم رجوي... ضحية إرهاب الدولة

10
10
5

البروفيسور كاظم رجوي اسمٌ خالد ومرموق في تاريخ النضال من أجل حقوق الإنسان في إيران، يُجسّد برحلة حياته المثمرة واستشهاده المظلوم رمز العزيمة والتضحية في سبيل الحرية والعدالة. استُشهد في 24 نيسان (أبريل) 1990 في جنيف على يد إرهابيين أرسلهم النظام الإيراني، ليكتب بدمائه تاريخ حقوق الإنسان ويرفع راية المطالبة بالعدالة. تتناول هذه المقالة، بشكل موجز للغاية، حياة هذا الحقوقي الإيراني البارز وتعليمه ونضاله وإرثه.

التعليم والإنجازات الأكاديمية
كان كاظم رجوي من أبرز الحقوقيين الإيرانيين، حيث حقق بجهده وموهبته الاستثنائية ست درجات دكتوراه في القانون والعلوم السياسية من جامعات مرموقة في فرنسا وسويسرا. حصل في عام 1961 على دكتوراه في العلوم السياسية، وفي عام 1963 على دكتوراه في القانون العام من كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية في باريس. كما نجح في عام 1964 في امتحان الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، وأكمل في عام 1973 أطروحته للدكتوراه في معهد الدراسات الدولية بجامعة جنيف.
إلى جانب تدريسه في الجامعات السويسرية، ألّف البروفيسور رجوي أكثر من 120 كتابًا وأطروحة باللغتين الفارسية والفرنسية. ومن أبرز أعماله: "تطور البرجوازية والحركات الشعبية في إيران" (1960) و"النظام الأساسي ولوائح التوظيف الحكومي في إيران" (1962) و"إعادة النظر في نظرية الدولة" (1969) و"الثورة الإيرانية والمجاهدون" (1983).

تُظهر هذه الإنجازات عمق معرفته وتفانيه في التقدم العلمي والفكري، لكن روحه الحرة قادته إلى النضال من أجل حقوق الإنسان وحرية الشعب الإيراني.

النضال من أجل الحرية وحقوق الإنسان
تغيرت حياة البروفيسور كاظم رجوي بالكامل عندما سمع بخبر اعتقال شقيقه مسعود رجوي وحكم الإعدام الصادر بحقه في 23 آب (أغسطس) 1971، إلى جانب العديد من أعضاء منظمة مجاهدي خلق البارزين. بتصميم لا يلين، نظّم وأدار حملة دولية لإنقاذ حياة شقيقه، مستفيدًا من منظمات حقوق الإنسان، والمحامين الدوليين، وإرسال عدد هائل من الرسائل إلى طهران، مركز حكم الدكتاتورية في عهد محمد رضا بهلوي. نجح في تحويل حكم الإعدام إلى السجن المؤبد، وكان هذا الانتصار نقطة تحول في حياته وأساس نشاطاته الحقوقية.

بعد الثورة المناهضة للشاه في شباط (فبراير) 1979، عاد البروفيسور كاظم رجوي إلى إيران وتم تعيينه في عام 1979 سفيرًا لإيران في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف. لكنه، بفضل فهمه العميق لنوايا نظام الخميني الخبيثة لفصله عن شقيقه مسعود وأهدافه المناهضة للشعب، استقال من منصبه وكرّس كل طاقته للنضال وفضح النظام الملالي. بصفته ممثل المقاومة الإيرانية في سويسرا وسفيرًا متجولًا لقائد المقاومة في المحافل الدولية، نقل صوت السجناء والمُعذَّبين وضحايا النظام إلى العالم.

لعب البروفيسور كاظم رجوي دورًا محوريًا في إصدار قرارات متعددة تُدين النظام الإيراني في لجنة حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة. أدت جهوده في عام 1985 إلى إصدار أول قرار يُدين النظام في الجمعية العامة، والذي شكّل أساسًا لأكثر من 70 قرارًا لاحقًا. من خلال تقديم وثائق وأدلة قوية، كشف عن جرائم النظام الملالي، بما في ذلك المجزرة التي وقعت في صيف عام 1988، ورفع راية المطالبة بالعدالة.

الاستشهاد والإرث الخالد
في بعد ظهر 24 نيسان (أبريل) 1990، بالقرب من جنيف وعلى مقربة من مبنى حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تعرض كاظم رجوي لوابل من الرصاص أطلقه إرهابيون أرسلهم النظام الإيراني. هذا الاغتيال، الذي نُفّذ بفتوى من الخميني وفي سياق مجزرة 1988، لم يُسكت صوته، بل تحوّل دمه إلى رمز للنضال ضد الظلم والاضطهاد وحركة المطالبة بالعدالة.

قال البروفيسور جان زيغلر، نائب رئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عنه: "كان كاظم رمزًا للعزيمة والالتزام الثابت، وحقّق إدانات النظام الملالي في الأمم المتحدة واحدًا تلو الآخر".

كما أكد نيلز دوداردل، محامي المقاومة الإيرانية لمتابعة قضية اغتيال البروفيسور كاظم، أن الاغتيال مرتبط بمجزرة 1988 ويُظهر الطبيعة الإجرامية للنظام الملالي.

أثبت البروفيسور كاظم رجوي التزامه بقوله التاريخي: "نكتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائنا". له فضلان لا يُنكران على الشعب الإيراني: إنقاذ حياة مسعود رجوي ورفع راية الدفاع عن حقوق الإنسان. يستمر إرثه في قرارات الأمم المتحدة، وفضح جرائم النظام الإيراني، وإلهام أجيال المقاومين.

كلمة أخيرة
كان الدكتور كاظم رجوي حقوقيًا بارزًا لكنه مسؤول وملتزم، كرّس حياته كلها من أجل الحرية والعدالة. بمعرفته وإيمانه وتضحيته، لم ينقل صوت المظلومين في إيران إلى العالم فحسب، بل ذكّر المجتمع الدولي، باستشهاده، بمسؤوليته تجاه جرائم النظام الإيراني. اليوم، بينما يستمر النظام الإيراني في استهزائه بحقوق الإنسان، يبقى إرث البروفيسور كاظم رجوي حيًا في مقاومة الشعب الإيراني ومطالبته بالعدالة، ورايته ترفرف باسمه. إن واجب كل إنسان شريف وحرّ ومحب للعدالة هو إبقاء هذه الراية مرفوعة، والعمل من أجل محاكمة مجرمي النظام الملالي وتحقيق الحرية والعدالة في إيران. وهذا يتطلب الوقوف إلى جانب المقاومة ودعم الشعب الإيراني الذي يطالب بالعدالة، أي الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ.

أختم الحديث عن البروفيسور كاظم رجوي بجملة للسيدة مريم رجوي في تخليد ذكرى هذا الرجل الكبير: "كاظم رجوي ينتمي إلى الشعب الإيراني بأكمله. إنه فخر لإيران والإيرانيين".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.