الدوحة: سيكون استاد 974 في الدوحة الجمعة على موعد مع معركة طاحنة بين الدفاع والهجوم تحمل في طياتها نكهة سياسية، وذلك حين تلتقي سويسرا مع صربيا في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة السابعة لمونديال قطر، فيما تخوض البرازيل "بروفة" تحضيرية للأدوار الإقصائية بمواجهة الكاميرون المتمسكة ببصيص أمل.
بين فريق سويسري متماسك دفاعياً أقصى فرنسا بطلة العالم من ثمن نهائي كأس أوروبا الصيف الماضي ثم تسبّب بغياب إيطاليا عن النهائيات العالمية للمرة الثانية توالياً، وآخر صربي يضمّ في صفوفه لاعبين مثل دوشان تاديتش وألكسندر ميتروفيتش ودوشان فلاهوفيتش، ستكون مواجهة الجمعة نارية بكل ما للكلمة من معنى.
وما يزيد من الميول السويسري الى الدفاع الذي سمح لهم بالفوز على الكاميرون 1-صفر ثم باجبار البرازيل على الانتظار حتى الدقيقة 83 لتسجيل هدف التأهل الى ثمن النهائي، أن رجال المدرب مراد ياكين بحاجة الى التعادل لضمان تجاوز دور المجموعات للمرة الثالثة توالياً، فيما لا بديل لصربيا عن الفوز بعد خيبة التعادل في الجولة الثانية مع الكاميرون 3-3.
كل هذه الحسابات مرتبطة بفوز أو تعادل البرازيل مع الكاميرون التي تملك نقطة واحدة وبحاجة الى فوز مستبعد جداً على "سيليساو" الذي خرج منتصراً من مواجهتيه السابقتين في النهائيات مع المنتخب الإفريقي (3-صفر عام 1994 و4-1 عام 2014).
بالنسبة للحارس السويسري يان سومر "سنذهب الآن الى مباراتنا النهائية الجمعة" وفق ما أفاد بعد الخسارة أمام البرازيل.
هذه المواجهة ستكون إعادة لما حصل عام 2018 حين تواجدت سويسرا وصربيا والبرازيل أيضاً في مجموعة واحدة.
حينها وبعد التعادل افتتاحاً مع البرازيل 1-1، تسبّبت سويسرا بخروج صربيا من دور المجموعات بالفوز عليها في الجولة الثانية 2-1 بهدفي غرانيت تشاكا وجيردان شاكيري اللذين استفزا الصرب بعدما احتفلا بتوجههما نحو المشجعين واضعين أيديهما على صدريهما بشكل معاكس في رسم لشارة "النسر المزدوج" الأسود اللون، رمز ألبانيا.
وولد شاكيري عام 1991 في كوسوفو، الإقليم الصربي السابق ذات الأغلبية الألبانية، وغادر مع أسرته عندما كان عمره سنة، بينما وُلد تشاكا في سويسرا عام 1992 لعائلة من كوسوفو، هذا الاقليم ذو الغالبية المسلمة الواقع شمال ألبانيا الذي شرع في حملة انفصال عن صربيا عام 1998.
وقمع نظام بلغراد محاولات الانفصال المسلحة بقوة، ما دفع حلف شمال الأطلسي الى التدخل في آذار/مارس 2018 وشن غارات على العاصمة الصربية، فاضطرت قواتها الى الانسحاب من كوسوفو بعد 78 يوماً.
ومنذ العام 2008، بات الاقليم مستقلا بعد نزاع حصد 13 ألف قتيل.
وعلى رغم ان كوسوفو باتت دولة مستقلة اعترفت بها أكثر من مئة دولة (لا تشمل صربيا وخمس دول من الاتحاد الأوروبي، وروسيا والصين)، الا انها لا تزال متعلقة عاطفيا بـ "الأمة الألبانية".
لكن المدرب ياكين شدد بعد الخسارة أمام البرازيل على "أننا سنركز وحسب على كرة القدم، كلا الفريقين. سنكون مباراة مثيرة للاهتمام. لا أكترث بأي شيء آخر".
وتابع "أعتقد أننا سنكون جاهزين بشكل جيد وعلينا استجماع كامل قوانا كي نتمكن من مواجهة صربيا"، رافضاً التخمينات بأن فريقه سيلعب من أجل التعادل لأنه "أحب النتيجة الإيجابية. كمدرب، لا يمكنك أن ترسل فريقك الى الملعب ليلعب من أجل التعادل. سنحاول الفوز بالمباراة ونأمل أن نتمتع بالنوعية لتحقيق ذلك".
وغاب شاكيري عن الخسارة أمام البرازيل بسبب إصابة طفيفة، وطمأن ياكين أن جناح شيكاغو فاير الأميركي سيعود في الوقت المناسب لخوض لقاء صربيا.
وما يزيد من حجم التوتر "السياسي" في مباراة الجمعة أن الصرب رفعوا علماً في غرفة تبديل الملابس دمجوا فيه خريطة كوسوفو، ما دفع فيفا الى فتح اجراءات تأديبية بحق الاتحاد الصربي.
وتُظهر الصورة التي تم التقاطها في غرفة تبديل الملابس الخاصة بالمنتخب الصربي قبل مواجهة البرازيل، خريطة لكوسوفو مطبوعة على قطعة من القماش الأبيض معلقة على أوتاد، ومختومة بعلم صربيا كتب عليها "لن يكون هناك استسلام".
وأدى نشر الصورة إلى احتجاج رسمي من كوسوفو، عبر وزير الرياضة هجرالله تشيكو الذي ندد بـ "الصور المخزية" التي تنقل "رسائل الكراهية وكراهية الأجانب والإبادة الجماعية".
وتابع وزير الرياضة "نتوقع إجراءات ملموسة من فيفا، وكوسوفو عضو كامل العضوية فيه".
وأعلن الاتحاد الكوسوفي لكرة القدم أنه تقدم بشكوى إلى فيفا ضد "الإجراء العدواني لصربيا" في مستهل مبارياتها في العرس الكروي العالمي، شاجباً "مثل هذا العمل العدائي ليس له مكان في الأحداث الرياضية وحتى داخل الصرح حيث يقام أكبر حدث كرة قدم في العالم".
في لوسيل، لن تكون هناك مناوشات استفزازية بل سيكون التركيز منصباً على كرة القدم بأهداف مختلفة لكل من البرازيل والكاميرون، إذ تسعى الأولى الى التحضر من أجل ثمن النهائي وضمان الصدارة من دون الالتفات الى نتيجة المباراة الثانية.
ويحتاج فريق تيتي الذي يغيب عنه نجمه نيمار بسبب إصابة في الكاحل تعرض لها افتتاحاً أمام صربيا، الى التعادل كي يضمن الصدارة ويتجنب مواجهة البرتغال المرشحة بقوة لتصدر المجموعة الثامنة (تتصدر بفارق ثلاث نقاط عن غانا الثانية مع فارق ثلاثة أهداف لصالحها).
بالنسبة للكاميرون، لا بديل عن الفوز إذا ما أرادت الدخول في حسابات التأهل الى ثمن النهائي للمرة الثانية فقط في تاريخها، بعد أولى عام 1990 في إيطاليا حين وصلت الى ربع النهائي بقيادة أسطورتها روجيه ميلا.