: آخر تحديث

لما الخجل؟

28
30
25

لا أدري ما الذي يفهمه البعض عن الأم، وما هو الدور الذي لعبه أمثال هذه النخبة من المجتمع المخملي حيال أمهاتهم من تقديس واحترام وود لهن حتى يخرج علينا بعضهم رافعاً سلاحه متوعداً ومتجهم الوجه بضرورة الرفق والاعتناء بها، ومداراتها وحمايتها من أبنائها أنفسهم؟ 

هكذا أراد أن يصل بهذه الجملة.. وكأن أمثال هؤلاء هو من يُعنى بها وحده ولا أحداً غيره يهتمّ بأمه ويرعاها ويخاف عليها سواه، وكأنها طفل رضيع. هذا ما يشعرنا به، و يُفهمنا إيّاه بصورة دائمة على أنّه يهتم بها ويداري مرضها وكبر سنّها وعجزها.. كي يظل يستثمر محبّة واحترام من في الخارج من أبنائها وأخوته له شخصياً بذريعة رعايتها وتلبية احتياجاتها.

لا.. ليس هي كذلك. أمثال هؤلاء النخبة القاصرة النظر يبحثون عن العطاءات، وهذا ما يعنيهم من الأخوة والأبناء الذين يعيشون في الخارج. بالتأكيد هم المستفيد الأكبر من الدعم، وطالما يصرخون وبأعلى صوت نحن لا نريد شيئاً، ويطالبون بسماع صوت ذاك الغائب، وهذا يكفيهم كما يدّعون. هذا كل ما يريدون وليس كما يظن البعض. 

يقولون: نحن لا نبحث عن المال، أمورنا الحمد لله بخير ولا ينقصنا سوى معرفة أخباركم!

هذا ما يتفوّهون به، ويدلون.. وفي الواقع هم لا يريدون منك سوى أن تدفع لهم. ولا شيء آخر. لا يعنيهم أي شيء.. وكيف ومن أين حصلت على المال هذا لا يعنيهم؟. ما يعنيهم شيء واحد هو تلبية رغباتهم، وسد ما يتطلب منهم من عجز مالي يعانون وما عليك إلا أن تدفع وتصمت!. وتراهم يشتكون ويتباكون للقريب والبعيد، وفي حال أرسل ذلك البعيد المال، وبحسب امكاناته، يلتفتون إليه ويبدأون بتساؤلاتهم، وصور التعجب تفضحها شفاههم، باستفزازهم له، وتقريعه إن تطلب ذلك وكأنه هاجر لأجلهم، والحال الذي يعيشه الأهل في بلاد النكبات فيه الكثير من الذل والفقر. ويظنون أنك ملزماً بفتح كيساً من الخيش المعروف بخطه الأحمر حاضراً وبصورة دائمة لتملؤه نقوداً وما عليهم سوى الاسراع بفك أزمتهم والحال الذي يعانون.. ولن ينته ابداً.

ليس الحال كذلك يا سادة!

على الأهل أن يرأفوا بحال أبنائهم في الغربة، وفي أماكن اللجوء التي يعيشون قساوتها!
صحيح أنّ الغالبية منهم يعيشون في راحة بال، وأمورهم ميسرة إلى حد بعيد، وواقعهم أفضل بكثير من في الداخل السوري على سبيل المثال، وفي غيرها من المدن العربية التي تعاني الأمرّين، لكن هذا لا يعني أن يبتزّوا من ارتضوا بالغربة معيشة وإقامة، وسبق أن دفعوا المال، وعانوا الخوف وتحملوا الصبر والحرمان حتى تحقق لهم ذلك.
لماذا لا يكون تعامل الأهل مع أبنائهم في الخارج، ممن سبق لهم الرحيل والغياب عن بلد تهاوى، بحب. بلين. بصفاء وباحترام..؟ لا أن يكون التواصل من أجل المال!. المال وحده هو الفصل في هذه العلاقات المزيّفة الخداعة، وبمجرد وصول المال بين أيديهم يرفسونك، ينسون وينكرون ما قدمت لهم.
إنهم ينكرون جميلاً أسديته لهم صيغ بالحرمان والغربة، وما عليهم سوى صبّ جام غضبهم عليك.. هكذا وبدون سبب، متناسين أنهم كانوا في يوم ما من أكثر الناس حاجة لك. لما الخجل؟

***
باب الهجرة غير الشرعي نحو الغرب، ما زال يمتصّ الكثير من العقول النيّرة، والسير بها نحو المجهول يُداعب الأفكار الطموحة. وبلادنا، على بساطة أهلها، فإنها ما تزال تُرزق بالمواليد الجديدة، وتتطلع إلى بلوغها بلاد المهجر والاغتراب بحثاً عن الحرية والأمان ولقمة العيش الهني!

إنه قدرها الذي سطرته برغبتها ولا زال أبناؤها، وإلى اليوم، يركضون وراء تجسيد هذا الحلم الذي حققه الكثير من شبابها وغيرهم ما زال بانتظاره.
 

#فضاءـالرأي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في