افتتح أمس نائب الأمير وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، جلسة البرلمان الكويتي وذلك بعد تأجيلها لمدة أسبوع بسبب غياب الكادر الحكومي، في ظل ما وُصف ببذرة الخلاف الأولى بين الحكومة والبرلمان على التوافق في إنشاء آلية لانعقاد جلسة البرلمان بعد الفوز في الانتخابات.
حيث احتدم الخلاف خلال الأيام الماضية بين الحكومة الكويتية والغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمة المنتخب حديثاً حول موعد أول جلسة للبرلمان الجديد، بعدما حضر نحو 40 نائباً من المجلس المنتخب المكوّن من خمسين عضواً في جلسة وصفت بالشكلية الرمزية، من دون حضور الحكومة أو الأمير أو حتى من يمثلهما.
وخلال الجلسة الأولى المنعقدة لمجلس الأمة منذ انتخابه نهاية الشهر الماضي، تم اختيار النائب أحمد السعدون رئيساً للمجلس بالتزكية البرلمانية، كونه المرشح الوحيد لمنصب رئاسة مجلس الأمة، وفقاً لنص المادة 92 من الدستور. وبعد أن افتتح دور الانعقاد العادي، تعهد نائب الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح خلال ما أسماه "بوثيقة العهد الجديد" بمحاسبة الحكومة في تنفيذ أنشطتها، قائلاً "سأكون أنا شخصيا أول من يقوم بمحاسبة الحكومة في تنفيذ برنامج عملها" وبمسؤولية المواطن أيضاً في محاسبة المسؤولين، مع تشديده الحازم في عدم خروج النواب عن أدب الحوار إلى توافه الأمور خلال الجلسات البرلمانية.
وهذا إن دل إنما يدل على الإجراءات الحازمة التي سيتخذها هذه المرة سموه في مواجهة برامج الحكومة، بعد عدة المصادمات المتكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مؤكداً أن محاسبته للحكومة ستكون قبل أعضاء البرلمان أنفسهم.
وكان من المقرر أن تبدأ أول جلسات البرلمان يوم الثلاثاء المنصرم، لكن المرسوم الأميري الذي صدر بعدها بتشكيل الحكومة، قضى بتأجيل الجلسة لمدة أسبوع، وهذا بحد ذاته خطوة لمنح رئيس مجلس الوزراء الجديد فرصة أكبر لتأليف حكومة تحظى بدعم نواب البرلمان، بعد أن أعلن غالبيتهم رفضهم الحكومة التي شكلها بعد الانتخابات مباشرة.
لكن المتتبع لخطاب ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد عقب تشكيل الحكومة، يرى أنه يحمل رسائل قوية مبطنة للنواب وقاسية في نفس الوقت، فقوله "المناصب إلى زوال، ولن يبقى لكم إلا ما تقدّمونه من إنجازات وأعمال" يعني أن لا محسوبية ووساطة لكل وزير في استغلال منصبه وزيادة ثروته على حساب الشعب، وإشارة منه إلى أن القانون سيكون مطبقاً فوق الجميع.
الجلسة الوزارية التي عُقدت في مجلس الأمة، حددت الرهان القائم بين أعضاء المجلس والحكومة بإشراف أميري من نائب أمير البلاد نفسه، وعلى التوافق بين الطرفين في الوصول لمعالجة عديد الملفات التي حاولت الحكومة والبرلمان معاً معالجتها خلال السنون السابقة، مثل القضايا المتعلقة بالاقتصاد والفساد.
لكن السؤال الذي سيبقى قائماً، هل ستنتهي الصراعات خلال المرحلة المقبلة من عمر البرلمان الحالي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في دولة الكويت خلافاً للدول الأخرى في المنطقة؟