ليست حادثة قتل الفتاة العشرينية مهسا أميني من قبل مايسمى بدوريات الارشاد بالحادثة الاولى التي يرتکب فيها نظام محاکم التفتيش الايراني هکذا جريمة فظيعة بدم بارد، إذ له باع وتأريخ يجب أن يدرج في کتاب غينس للأرقام القياسية، غير إن الذي يجب ملاحظته في حادثة هذه الفتاة التي قتلت ظلما إنها تميزت بأن النظام وخلال عهد ابراهيم رئيسي الذي کان أحد أعضاء لجنة الموت التي نفذت مجزرة السجناء السياسيين، قد کشر عن أنيابه ولاسيما إن رئيسي قد قام قبل فترة وجيزة بالتوقيع على مرسوم يطلق من خلاله يد"دوريات الارشاد"سيئة الصيت، والمثير للتهکم والسخرية إن رئيسي بنفسه کان قد إنتقد سابقا هذه الدوريات ووعد بوضع حد لنشاطاتها القمعية، ويبدو إنه قد قام بتنفيذ وعده بالمقلوب ذلك إنه إذا کانت هذه الدوريات تکتفي بضرب وشتم وإهانة النساء والشباب الايراني فقط فإنها في عهده اللاميمون قد أصبحت تعذب وتقتل من يقع بين يديها.
مشکلة هذا النظام إنه يصر على عدم الاعتراف بحقيقة إنه نظام مکروه ولم يعد الشعب الايراني يرغب بإستمراره ولاسيما وإن کل تلك الانتفاضات والتحرکات والنشاطات المعادية له والتي تم خلالها شعارات ضد النظام وضد ديکتاتوره المسمى بالولي الفقيه، لم تنفع لحد الان في جعله يرضخ للأمر الواقع، وقطعا لا يجب على أحد التعجب من ذلك لأن نظام يعتبر نفسه إمتدادا للسماء ومنفذا لمشيئتها وحکمها على الشعب الايراني، يجب أن يکون هکذا!
نظام يجعل ليس من الشعب الايراني فقط بل ومن شعوب بلدان في المنطقة، مجرد بيادق يحرکها ويعبث بها کما تشاء مصالحه وأهوائه بزعم إن ذلك يتطابق ويتماشى مع إرادة السماء، ليس من السهل بل ومن المستحيل إقناعه لأنه يعتبر العالم کله ليس على خطأ فقط بل وعلى ضلال وإنه لوحده على حق، فهو يعبر عن صوت وإرادة السماء ويبشر بالخير والنعيم للبشرية کلها ومن لايصدق بذلك فلينظر الى أوضاع الشعب الايراني والى أوضاع شعوب العراق ولبنان واليمن وسوريا، والانکى من ذلك إن هذا النظام لايخجل فهو يقوم بالتغني والإشادة ليل نهار بجبهة الممانعة التي تمتد من إيران التي يقتل شعبها الفقر مرورا بالعراق ولبنان وسوريا واليمن وغزة حيث يرى العالم کله أوضاع شعوبها التي هي إمتداد بحق وحقيقة لأوضاع الشعب الايراني ذاته.
القصة المأساوية لمهسا أميني سبقتها قصص مأساوية مماثلة أخرى کقصص ندا سلطاني وريحانة جباري وغيرهن من اللائي سطرن ويسطرن بأرواحهن حقيقة النظام القرووسطائي المعادي والکاره للمرأة، وهذه القصص التي تتکرر الى جانب قصص دموية أخرى تطال الشباب والرجال الذين لهم أيضا قصصهم مروعة، فهناك من يقتل بقانون"المحاربة" لکونه وقف ضد النظام ـ الاله ولذلك يجب قتله، وهناك من يقتل في غياهب السجون تحت عمليات التعذيب القرووسطائية وبعدها يقال إنه قد إنتحر! هذا ماعدا عن المشانق التي يتدلى منها کل يوم إيراني، إلا أن الذي يثير السخرية هو إن النظام الذي يقف على تلال من جماجم ضحاياه لايزال يتفاخر بأنه يقف على قدميه، کل هذه القصص المأساوية التي تجسد حقيقة وديدن هذا النظام، يجب الانتباه جيدا الى إنها ليست مجرد قصص تتکرر عبثا ومن دون طائل بل إنها تعکس حقيقة إن النظام ذاته يتمزق ويقترب من نهايته.
قصص تتکرر أم نظام يتمزق
مواضيع ذات صلة