لم يشهد العالم منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية حرباً أشد تعقيداً وصعوبة من الحرب الروسية الأوكرانية فقد سبق هذه الحرب حروب كإحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية وحرب تحرير الكويت والحرب في أفغانستان والحرب في تشيكوسلوفاكيا وغيرها، وكان العالم ينقسم ما بين مؤيد ومعارض ومن يسعى لحل الصراع ويقرب وجهات النظر.
أما الحرب الروسية الأوكرانية فقد تميزت عن غيرها بأنها انقسمت إلى قسم يشعل النار وهو روسيا ومن يؤيدها وقسم يبعث الحطب لاستمرار اشتعال هذه النار وهو دول الغرب، فالملاحظ أن الغرب كان يسعى جاهداً لجر روسيا لهذه الحرب لأهداف بعيدة المدى في التوقيت والظروف ليست أقلها الانتظار حتى مغادرة المستشارة الالمانية ميركل ومجيء المستشار الجديد جيرهارد شرودر ثم التجديد للرئيس الفرنسي ماكرون وإستمرار رئيس الوزراء البريطاني جونسون في السلطة رغم المطالبات بإستقالته وقبل ذلك مجيء إدارة الديموقراطيين برئاسة بايدن في الولايات المتحدة الأمريكية.
كل هذه المعطيات وغيرها تقول أن هذه الحرب كانت تطبخ منذ أمد بعيد وأن هذا التوحد غير المسبوق لحلف الناتو ليس وليد الصدفة رغم ما قيل أنه في غرفة الإنعاش ثم هذه الهرولة لدول كانت تلتزم الحياد مثل فنلندا وقبلهما أوكرانيا هذا يلقي بعدد من التساؤلات عن ماهية هذه الحرب وأهدافها على المدى البعيد وهل هي خطوة نحو إعادة تقسيم العالم وتحالفاته السابقة وهل هي خطة لتقزيم أو إفشال مشروع القطبية الشرقية في روسيا والصين؟ وإستعادة القطبية الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية وإستعادة الهيمنة على أوروبا بكاملها؟ وإلا ما هذا الكرم العجيب في تدفقات السلاح بشكل مهول وهذه المليارات التي يفرج عنها الكونجرس لمساعدة أوكرانيا وأساطيل السلاح التي تتدفق من أوروبا الغربية والشرقية لدعم دولة نزح نصف سكانها والباقون بين معارض للحرب ومؤيد لروسيا ومقاتل ومدافع عن وطنه وهو يعلم أنه يخوض حرباً كان يمكن تجنبها لولا المقبلات والمشهيات التي طالما وضعها الغرب على مائدة الرئيس الأوكراني زيلنيسكي لإستعداء الجار الروسي!
العالم اليوم مع هذه الحروب وأنا أسميها حروب وليست حرباً واحدة ولكنها تنوعت بين حروب عسكرية وإقتصادية وسياسية وتاريخية وجغرافية وبحرية وغذائية!
مع كل هذه الحروب العالم مهدد بالجوع والمرض! الجوع نتيجة توقف أو تعثر سلاسل إمداد الغذاء وخاصة للدول ذات الاقتصاد الضعيف مما ينذر بمجاعات غير مسبوقة! ثم إرتفاع أسعار الغذاء والنقل والتأمين والشحن، كل هذا سيدفع فاتورته المستهلك النهائي الذي لن يستطيع دفع قيمة الغذاء! ثم هناك بوادر نذر بقدوم وباء جديد اسمه جدري القرود مما قد يحتاج معه البدء بحملات للوقاية والتلقيح إن لم يحدث إغلاق
لا سمح الله لو دخل مرحلة الوباء.
إذاً أين العالم الذي أتى للرياض في قمة العشرين!!؟؟.
وكان وباء كورونا على أشده؟ ألم يتعلم من هذه التجربة أن السلام وتأمين الغذاء والدواء أفضل من تأمين السلاح وإثارة والقلاقل والتوترات! هل أصبحت الحروب والقلاقل والنزاعات صناعة تدار في الدول العميقة وكذا الأبحاث ومافيات السلاح والأدوية والغذاء لزيادة مكاسب طغم بسيطة على حساب صحة وسلامة وأمن العالم؟
لماذا تهرول أمريكا نحو بحر الصين وتدعم تايوان وتدعم أستراليا بالغواصات النووية؟
أعتقد أن الولايات المتحدة في طريقها إلى تراجع كبير على الصعيد الداخلي والخارجي وأخشى ما أخشاه أنها وهي تعاني مخاض النهاية أن تجر العالم معها للنهاية، وهذا ما نشاهده الآن وهي تمارس مع دول الغرب دور ((حمّالة الحطب)) لاستمرار الحرب في أوكرانيا.