: آخر تحديث

رَحِم الصداقة

51
52
39

ثمة أمور لا خيار لنا فيها.. 
الأخوّة مثلا … نولد ونكبر ونجد أنفسنا محاطين بإخوة يلائموننا أو لا يلائموننا، لكننا نعتز بهم في كل أحوالهم، ونذود عنهم كما يذودون، ونصبر على ما يسوؤنا منهم كما يصبرون.
ولأننا مأمورون بالإحسان إليهم والصبر عليهم أكرمنا الله بخيار الصداقة،
وترك لنا حرية الاختيار وفق أمزجتنا ومقاساتنا، لذلك كان الصديق هو صورتنا الأكثر دقة، وأي خلل في هذه الصورة يعني أنّ هناك خطأ في اختيارنا  لا  خطأ الصديق.
ما الصديق إلا سلوى الأرواح، وبهجة القلوب، وربيع الفؤاد، وبه تطيب الحياة، ويسعد العمر، وتزهر الأيام، ومعه نكمل نقص ذواتنا … لا نقص الحياة فحسب.

 


كلما ازدادت بك الحياة شدّة ازداد ثباتًا ووفاءً وقربًا، لا يميل مع صروف الحياة، ولا يتغير مع تقادم الأيام.
الصديق الوفيّ في ظنّي هو  من أعظم الهبات التي يرزقك الله بها.. هو عين ثالثة ترى بها العالم، ويد أخرى تمسك بها حقيقة الأشياء، وعقلٌ نيّر تفكر به.

الصديق الناصح الوفي قربه أنس، وأحاديثه سياحة، وصحبته سمو وترفيه، ومجالسته رحلةٌ ساحرة في هذا العالم الفسيح.
الصديق الوفيّ يقيل عثرتك حتى دون أن تطلب منه المساعدة، ويسند ظهرك قبل أن تميل أو تنكسر، ويصدقك القول والنصيحة في كل حين.

إذا رزقك الله صديقًا وفيًّا فاحمد الله، واعلم أنك من القلة الذين أنعم الله عليهم بهذا الثراء الحقيقي.


تأمّل ..الصديق الّصّدّيق الصّدوق أبا بكر رضي الله عنه
ومن نعيم الله عليك أن يخصّك بصديق نبيه فطن يعرف ما تقول .. قبل أن تقول ، ويفهم مرادك .. قبل أن تشرح، ويعذرك .. قبل أن تعتذر.
هذا الصديق الملاك لا تخشى معه ولا منه سوء الفهم.. 
تنطلق معه بكل أريحية، وما عليه إلا أن يحمل كل ما تقول وما تفعل المحمل الحسن، لأن ظنه الحسن بك لا يفتح له إلا نوافذ النور، فما يراك إلا كما أنت، أو أفضل مما أنت عليه.
إن صديقًا يسيء ظنه بك،ويفهم مرادك على غير وجهه،ويتحسس من تلقائيتك معه لَصديقٌ متعب ومزعج،وأمثاله في الأصدقاء كثير،ولربّما تكون أنت المزعج بتلقائيتك ومرحك لبعض أصدقائك،وهنا دورك أن تكون لمّاحًا وفطِنًا لحساسيّة ورهافة حس بعض الأصدقاء الذين لايحتملون المزاح ولا يتجاوبون مع تلقائيتك

لا يأخذك العجب بنفسك بأن تزيّن لنفسك بأنك على حق في مرحك وتلقائيتك وأن على الآخرين تحمّل هذا السلوك منك.
الناس ليسوا سواسية في ظروفهم وفهمهم.
هَنِّئْ نفسك، وافتح بابك للتهنئات كلما اكتسبتَ صديقا فاخرا،وواسِ نفسك، وافتح أبواب العزاء كلما خسرتَ صديقا رائعا، أو ابتُليتَ بصديق رديء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي