: آخر تحديث

استخدام الدواء.. وأكاذيب الميديا

3
3
3

في ثمانينيات القرن الماضي، طلبت القوات الجوية الأمريكية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) اختبار مخزونها الضخم من الأدوية التي تحتفظ بها لحالات الحرب والطوارئ، لأن استبدالها عند تاريخ انتهاء صلاحيتها المطبوع، كان مكلفًا للغاية. أظهرت الاختبارات أن العديد من الأدوية المغلقة والمخزنة بشكل صحيح تظل آمنة وفعالة لسنوات بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها.

وفر ذلك الاكتشاف المليارات على الدولة، وأدى لتمديد مدة صلاحية الأدوية من خلال إطلاق «برنامج تمديد الصلاحية» (SLEP) المشترك بين إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووزارة الدفاع عام 1986، الذي يختبر بشكل منهجي أدوية مختارة من المخزونات لتمديد مدة صلاحيتها بدلًا من التخلص منها تلقائيًا، وتم تحقيق وفورات بلغت مليار دولار على مدار فترة البرنامج.

وعلى الرغم من أهمية هذا الكشف، فإنه لا يعني بتاتاً استخدامه أو انطباقه على ما نحتفظ به من أدوية في البيت، فالكشف اقتصر في حينه على أدوية الجيش الأمريكي، ولم تقم أية جهة، تقريباً، باتباعه، على الرغم من مزاياه المالية، والسبب لأن الأمر يتطلب دائماً ظروف تخزين مثلى، ولا تنطبق على الحفظ العادي، أو العشوائي، كما هو حال أدوية البيت التي تحفظ في خزائن المطبخ أو الحمام، فهذه يفضل على مستخدميها الاستمرار في اتباع تواريخ الصلاحية المدون عليها، ما لم تُمدّدها جهة صحية رسمية، في حالات الطوارئ. لذا لم تقم حتى المستشفيات، الخاصة والعامة، باتباع ما توصل له كشف وكالة الغذاء والدواء الأمريكية، إلا إذا كانت طريقة الحفظ صارمة خاصة في حالة المضادات الحيوية، والترياق، أو أدوية الأعصاب، ومجموعات مماثلة تستخدم في حالات التأهب للحرب الكيميائية، وغيرها من الأدوية الحيوية، حيث يجب حفظها في ظروف محكمة تتعلق بدرجة الحرارة، والرطوبة، والأمن، مع اتباع قاعدة «ما يدخل المخزن أولاً يستهلك أولاً»، لضمان تطبيق نتائج اختبارات الثبات على دفعات محددة.

بشكل عام، استخدام أي دواء بعد تاريخ انتهاء صلاحيته المدون على الملصق يُعدّ قانوناً استخداماً «غير مُصرّح به»، على الرغم مما بينته نتائج البحث أن أدوية كثيرة تظل فعالة تماماً لفترة طويلة بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها الأصلي. كما قد يشمل تمديد صلاحية دواء معين لدفعة معينة منه، ولا ينطبق بالضرورة على دفعة تالية، وهذا سبب إضافي لعدم سريان نظام تمديد صلاحية الأدوية، الأمريكي، على الأدوية الموجودة في المنازل، ولا حتى على المخزونات الروتينية للمستشفيات والصيدليات الخاصة وشركات ووكلاء الأدوية، لذا لا ملصقات تُخبر الجمهور بأن «الدواء الفلاني صالح لمدة كذا سنة إضافية».

وبالتالي من الأفضل على المستخدمين العاديين للأدوية عدم الالتفات لما نشر، أخيراً، على وسائل التواصل بأنه بالإمكان تجاهل تواريخ صلاحية الأدوية، والاستمرار في استخدامها. وأنه ليس في الأمر «مؤامرة من شركات الأدوية». فهذه الشركات تضمن صلاحية الدواء التامة، حتى التاريخ المدون عليها، وذلك لحمايتنا، وليس لغشنا، لكن مع ذلك علينا معرفة الحقائق التالية:

1 - تاريخ انتهاء صلاحية الدواء يعني ببساطة أن الشركة المصنعة تضمن السلامة والفعالية الكاملتين لذلك الدواء حتى ذلك التاريخ. ولم تقل الشركة إن الدواء يصبح غير آمن أو عديم الفائدة بعد ذلك.

2 - يتفق الخبراء على أن معظم الأدوية تظل آمنة وفعالة لفترة طويلة بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها، حتى بعد سنوات عدة، وهذا يخضع لشروط صارمة، ليس من السهل اتباعها، مع الأخذ في الاعتبار أن الأدوية قد تفقد بعضاً من فعاليتها بمرور الوقت، إلا أنها نادراً ما تفقد فعاليتها تماماً، بل يبقى بعضها فعالاً بنسبة تصل إلى 90 % حتى بعد 10 سنوات، وهذا لا ينطبق على أدوية السكر، مثل الأنسولين، بل صالح للأدوية الصلبة، مثل الأسبرين، والبنادول. ومن الخطر استخدام الأدوية السائلة، كقطرات العين أو الأنف أو البخاخات، بعد تاريخ انتهائها، خاصة بعد فتحها. وبشكل عام، فمن الأفضل توخي الحذر واتباع تاريخ الانتهاء، وترك «التوفير» جانباً عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان. 



أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد