عبدالله خلف
يا بنيّ رياح (لا تُحقّروا صغيراً تأخذون عنه، فإن أخذت من الليث بسالته ومن الحمار صَبْره ومن الخنزير حرصه، ومن الغُراب بُكوره، ومن الثعلب روغانه، ومن السنّور ضرعه، ومن القرد حيلته ومن الكلب نُصرته، ومن ابن آوى حذره، ولقد تعلمتُ من القمر سير الليل ومن الشمس ظهور الحين بعد الحين).
ولما احتضر ذو الإصبع العدواني، دعا ابنه فقال: يا بُني أباك قد فني وهو حي وعاش حتى سئم العيش وإني مُوصيك بما ان حفظته بلغت من قومك ما بلغته... ألنْ جانبك لقومك يُحبوك وتواضع لهم، وتواضع لهم يرفعوك، وابسط لهم وجهك يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء يُسوّدك (من السيادة) وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم، ويكبر على مودتك صغارهم واسمع بما لك، واعزز جارك الذي أجرته من أن يظلم وأعن من استعان بك، وأكرم ضيفك وأسرع النهضة في الصريخ لاستغاثة (الصريخ) فإن لك أجلاً لا يعدوك، وصُن وجهك المساءلة بذلك يتم سؤددك.
ولما حضرت عبدالله بن شداد، الوفاة، دعا ابناً له هو محمد، فقال: يا بني إني أرى داعي الموت لا يُقلع، وأرى من مضى لا يرجع، ومن بقي فإليه ينزع.. وإني مُوصيك بوصية فاحفظها، عليك بتقوى الله وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية.
ولستُ أرى السعادة جمع مالٍ
ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذُخرا
وعند الله للأتقى مزيد
وما لابد أن يأتي قريب
ولكن الذي يمضي بعيدُ
يا بُني لا تزهدن في معروف، فإنّ الدهر ذو صُروف، والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب...
وان امرأ لا يُرتجى الخير عنده
يكن هيناً ثقيلاً على من يُصاحب