عندما قررت رؤية المملكة 2030 إعادة بناء الاقتصاد الوطني بجميع مساراته، وجهت بوصلة اهتمامها صوب قطاعات بعينها، منها قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي استشعرت القيادة الرشيدة قدرته على أن يصبح إحدى الركائز المحورية لتحقيق مستهدفات الرؤية؛ بتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الناتج الإجمالي المحلي، فضلاً عن توفير فرص العمل المناسبة لشباب هذا الوطن، ولم يخيب القطاع الظن به، وحقق -ومازال- نجاحات ملموسة تفوق حد المتوقع.
إنجازات قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ترجمتها الإحصاءات والأرقام الرسمية، التي أشارت إلى تصاعده بوتيرة سريعة ومُبهرة خلال السنوات الأخيرة، وصولاً إلى الربع الثاني من العام الجاري (2025) الذي شهد زيادة في عدد السجلات التجارية الجديدة بلغت 80 ألف سجل جديد، ليصل إجمالي السجلات القائمة بالمملكة إلى 1.7 مليون سجل، وما يلفت الأنظار إلى هذه الزيادة، تصنيف هذه السجلات، إذ إن ما يفوق 39 ألف سجل منها تخصص في التجارة الإلكترونية، و38 % منها مملوكة لفئة الشباب، فيما بلغ نصيب المرأة من إجمالي السجلات الجديدة ما نسبته 47 بالمئة، وهي أرقام تعكس مستحدثات القطاع وانطلاقته الاستثنائية، المُحملة بأهداف الرؤية.
وما كان للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) أن تحقق إنجازات كهذه، لولا أنها سارعت في تهيئة المناخ الملائم لتفعيل دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المشهد الاقتصادي السعودي، وتجسد ذلك في حزمة مبادرات نوعية، استهدفت دعم القطاع، وتحفيز رواد الأعمال على ابتكار الأفكار النوعية، والإبداع في تنفيذها، ومن أبرز تلك المبادرات برنامج «طموح»، الذي يهدف إلى تمكين الرواد من النمو والتوسع عبر خدمات استشارية وتدريبية متخصصة، وتطبيق «نوافذ» الذي يتيح الوصول إلى خدمات الدعم بسهولة، وخدمة «جدير» التي تسهل الحصول على الفرص الشرائية في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى «أكاديمية منشآت» التي تقدم برامج تدريبية لتنمية القدرات في مختلف التخصصات.
وخلال الشهر المقبل، سيكون روّاد قطاع المنشآت الصغيرة المتوسطة على موعد مع دعم إضافي يتمثل في ملتقى «بيبان 2025» الذي تنظمه «منشآت»، بمشاركة أربعين جهة ممكنة من القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي ضمن «باب التمكين». الملتقى يهدف إلى تعزيز فرص النمو والنجاح لرواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويأتي «باب التمكين» ضمن سبعة أبواب مبتكرة؛ تسعى إلى تلبية احتياجات رواد ورائدات الأعمال، وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من تحقيق النمو والاستدامة، فضلاً عن تسهيل وصول رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى الجهات الداعمة.