: آخر تحديث

ماذا بقي من حماس؟

2
2
2

خالد بن حمد المالك

هدَّد الرئيس الأمريكي قادة حماس بأقسى العقوبات إذا ما عرَّضوا الرهائن للقتل، وقال إن إخراجهم من الأنفاق إلى سطح الأرض أثناء الزحف البري للجيش الإسرائيلي لاحتلال غزة يعني أن حياتهم سوف تكون في خطر، وقال ما معناه إن حركة حماس سوف تندم إن هي استخدمت الرهائن كدروع بشرية، وأنها سوف تواجه الجحيم ونار جهنم.

* *

الرئيس الأمريكي لا يتحدث عن عشرات الآلاف من القتلى المدنيين الفلسطينيين الذين ترى إسرائيل وأمريكا أنهم ضمن الضغط العالي لاستسلام قادة حماس، وتسليم سلاحهم، وإخلاء غزة منهم وبالتالي بناء مساكن وأندية وأماكن ترفيه للشرطة الإسرائيلية على البحر كما صرَّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير.

* *

غزة يريدها ترامب ريفيرا الشرق الأوسط، وتستثمرها أمريكا، بينما يتحدث بن غفير عن أن جزءاً منها وفي موقع إستراتيجي سيكون خاصاً بالشرطة الإسرائيلية للاستمتاع والاستجمام على البحر، وكأنها مكافأة لهم لقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأينما كان للفلسطينيين وجود في الأراضي المحتلة.

* *

لا أمريكا ولا إسرائيل تتحدث عن أن القطاع سيعود إلى الفلسطينيين بعد القضاء على حماس، بل إن المعلن مع كل تناقضاته من الجانبين، وتعدد مصادره، هناك من يتحدث من واشنطن وتل أبيب بأن قطاع غزة لن يعود إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر، وأن السلطة الفلسطينية لن يكون لها أي دور في إدارة القطاع.

* *

قطاع غزة الآن يمر بوضع صعب، ومرحلة حرجة، فلا سلاح لدى حماس لمواجهة الاجتياح الإسرائيلي البري، ولا قدرة لديها لمنع إسرائيل من مواصلة تحويل غزة إلى أرض بلا حياة، حيث الجوع والعطش والمرض، والتهديد بالتهجير، وتحويل المباني إلى أكوام من الأنقاض.

* *

ولا حديث لدى أمريكا وإسرائيل عن مستقبل قطاع غزة إلا وفق ما أشرنا إليه، ولا عن مصير مليوني مواطن فلسطيني بعد القضاء على حركة حماس، فالحديث الأمريكي الإسرائيلي هو عن تحرير الرهائن، لا عن أكثر من عشرة آلاف سجين لدى إسرائيل، ولا عن حرب الإبادة التي تقوم بها هذه الدولة المحتلة.

* *

وما هو متفق عليه بين الثنائي الأمريكي الإسرائيلي هو الرفض القاطع لقيام دولة فلسطينية، وعدم تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة سلطتها على قطاع غزة، كون المخطط أن يتم احتلال كل فلسطين ضمن مشروع إسرائيل الكبرى، ويشمل ذلك كل ما تم احتلاله في حرب1967م بدليل اعتراض أمريكا وإسرائيل لخيار الدولتين، ولإقامة دولة فلسطينية وفق ترتيب تُشرف عليه الأمم المتحدة.

* *

إن قتل الفلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم، ثم هدمها، ومنع الدواء والغذاء عنهم، ومحاصرتهم تحت حرب تتواصل ليلاً ونهاراً وعلى مدى اليوم، هو عمل تتفهمه الولايات المتحدة الأمريكية، وتوافق عليه، وترى فيه حقاً مشروعاً للدولة الصهيونية، بينما ترى دول العالم، والمحاكم الجنائية بأنه عمل لا أخلاقي ولا إنساني، وجريمة بحق شعب أعزل.

* *

وفي نهاية المطاف، سيبقى الشعب الفلسطيني متشبثاً بأرضه، متمسكاً بحقوقه، يدفع بدمه تحقيقاً لأمنه واستقراره، من أن يسلم أمره ومصيره لعدو وحش، مهما كانت التضحيات، ومهما تضاعفت الخسائر، وازداد عدد القتلى، واتسعت رقعة التهديم والإزالة للمساكن والمساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس، فهذا الشعب الجبار لن يستسلم للدولة المجرمة، ولعتاة القتلة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد