: آخر تحديث

المعلم أولًا..

3
3
2

تكرار الحديث عن قضايا التعليم ظاهرة صحية؛ ولا شك أن وزارة التعليم حريصة على التطوير المستمر بحثًا عن الأفضل، ولعلها في هذا الشأن تجري دراسة علمية شاملة لتقييم الرضا الوظيفي للمعلم، وستكون النتائج إضافة بالغة الأهمية في خطط التطوير وإثراء حيثيات اتخاذ القرارات المركزية، وتعزيز مبدأ المشاركة، حتى يكون الجهاز المركزي والميدان في قارب واحد..

مهما وصلت إليه التقنية من تطور، سيظل دور المعلم دورا جوهريا؛ لأن القضية ليست مجرد توصيل معارف، هي قضية تأسيس تربوي وثقافي واجتماعي في جميع مراحل التعليم. دور المعلم هو الأهم في منظومة التعليم. هذه قناعة جعلت كثيرا من الدول تهتم بإعداد المعلم وفق معايير علمية وتربوية وثقافية مع تطوير مستمر يستند على عملية التقييم.

النقاش حول موضوع التعليم نقاش لا يتوقف بمشاركة كافة فئات المجتمع لأنه مجال مفتوح لطرح النظريات والآراء والاقتراحات بحثا عن الأفضل. هذا أمر طبيعي؛ لأن الحديث عن التعليم هو حديث عن منظومة تتضمن عناصر تكاملية تشمل الطالب وبيئة المدرسة والمعلم والمناهج والتقنية وطرق التدريس والتربية والإدارة، والتفاعل مع المجتمع، وأساليب التقييم وجميعها مهمة؛ لكن أهمها هو الطالب الذي تتجه إليه كل الجهود ومكونات التعليم بقيادة المعلم.

من حق وزارة التعليم، بل من واجبها وضع التنظيمات والمعايير التي ترفع كفاءة المعلم الأكاديمية والتربوية والمهنية، والمتابعة والتقييم لضمان جودة الأداء ليكون المعلم قائدا وقدوة للطلاب.. ومن مسؤوليات الوزارة توفير بيئة مدرسية تساعد المعلم على أداء مهامه الصفية وغير الصفية، في هذا الشأن من المهم تفعيل زيارات المسؤولين للمدارس بهدف التقييم والتطوير.

العلاقة بين جهاز وزارة التعليم وبين الميدان (إدارات التعليم، المدارس) علاقة مرت بمراحل مختلفة وكل مرحلة تعكس الفكر الإداري والفلسفة التربوية للمسؤولين في الجهاز المركزي.. ينتاب هذه العلاقة منذ عقود تباين في الرأي، وأكاد أقول حالة تذمر مصدرها الميدان تعكس عدم التناغم في التوجهات قد يكون نتيجة عدم مشاركة الميدان في الخطط والقرارات الاستراتيجية. إن مشاركة الميدان في قرارات الجهاز المركزي ستؤدي إلى تحقيق الانسجام وتعزيز العلاقة المهنية. من الأسباب الأخرى التي تشجع على المشاركة أهمية رأي الممارسين وكون مجال التعليم مجالا مفتوحا تتعدد فيه الآراء والنظريات والمفاهيم أكثر من أي مجال آخر، ولهذا تتنوع على مستوى الدول التجارب والأنظمة في مجال التربية والتعليم ولكل دولة أنظمتها وسياساتها التعليمية التي تتفق مع ثقافتها وخططها التنموية.

هذا التنوع في تجارب الدول لا يعني عدم وجود مفاهيم وممارسات أساسية مشتركة؛ منها الساعات المحددة لعمل المعلمين وتشمل الساعات الصفية وغير الصفية، والمتفق عليه أهمية توفير بيئة مدرسية تساعد المعلم على أداء مهامه، بيئة مدرسية إيجابية محفزة على جودة الأداء الصفي وغير الصفي.. بيئة معنوية ومادية تساعد المعلم على القيام بمسؤولياته التعليمية والتربوية وتعزز مكانته في المجتمع التي يستحقها بعد حصوله على هذه الوظيفية وفق معايير علمية ومهنية صارمة، وهو مبدأ تتفق فيه معظم الدول.. لتكن برامج إعداد المعلمين قوية ومعايير التوظيف كذلك مع وجود حوافز مادية ومعنوية، وفي المقابل تطبيق أساليب تقييم منهجية تركز على الأداء والإنتاجية والتطوير أكثر من التركيز على الحضور والانصراف.

إن تكرار الحديث عن قضايا التعليم ظاهرة صحية؛ ولا شك أن وزارة التعليم حريصة على التطوير المستمر بحثًا عن الأفضل، ولا شك أيضًا أن الوزارة تحرص على الاستفادة من إثراء الأفكار التطويرية بآراء المجتمع الكبير وآراء المجتمع التعليمي.. ولعل الوزارة في هذا الشأن تجري دراسة علمية شاملة لتقييم الرضا الوظيفي للمعلم وستكون النتائج إضافة بالغة الأهمية في خطط التطوير وإثراء حيثيات اتخاذ القرارات المركزية، وتعزيز مبدأ المشاركة حتى يكون الجهاز المركزي والميدان في قارب واحد.

دراسات الرضا الوظيفي تحقق فوائد كثيرة؛ فهي تساعد الإدارة على تسليط الضوء على الإيجابيات والجوانب التي تحتاج إلى تطوير، والمشكلات التي تحتاج إلى حلول، وحين تكون هذه الدراسات من خلال المعلم فهي تبرز أهمية دوره وآرائه وتعزز الثقة الذاتية والانتماء والولاء.. حين يكون مستوى الرضا الوظيفي عاليا لدى المعلم، سينعكس ذلك على أدائه وعلاقته بالطلاب كقائد ومرشد وقدوة ومكتشف مهارات ومواهب وتنميتها.. مسؤوليات متعددة بالغة الأهمية تجعلنا نقول: (المعلم أولًا).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد