: آخر تحديث

لماذا تبرر؟

3
2
3

ما التبرير؟ ولماذا نلجأ إليه؟ ومن يسعى دائماً إلى التبرير؟

التبرير في حياتنا العامة هو محاولة ايجاد وإضفاء تفسير أو مبرر أو عذر على موقف ما، لم يلقَ قبولاً أو استحساناً، أو بعد خطأ قد يكون مقصوداً أو لا.

وتتفاوت التبريرات من إنسان لآخر، فهناك من يستخدم المنطق والحقائق التي تستعجل له القبول، وقد يكون السماح.

الا انه مهما كان التبرير او التفسير منطقيًا او مقبولًا، الا انه بالنهاية هو محاولة للهروب من مواجهة الموقف والناس، والأهم من ذلك كله، محاولة للتنصل من المسؤولية.

من يخشى المواجهة هو من يخجل ان يُظهر صورته الحقيقية وتقصيره أو خطأه بشكل مباشر.. لذلك فهو يسعى دائمًا إلى تلميع صورته أمام الآخرين، حتى لو كان على حساب الصدق والحقيقة.

من لا يملك الشجاعة للاعتراف بتقصيره وخطئه، غالبا ما يلجأ للأعذار والحجج، عوضاً عن الاعتراف المباشر بما اقترفه من تقصير او اخطاء. الا ان هذه الاعذار والتبريرات لا بد ان تذوب يوماً لتظهر قمة الحقيقة.

والتبرير المستمر غالباً ما يكون طريقا مفتوحة تزيد من ضعف الثقة بهذا الشخص، مما يجعله انساناً فاقداً للمصداقية والقبول شيئاً فشيئاً.

وحتى يصبح التبرير قوة، هناك شروط لابد منها، وهي ان يكون مرفقاً باعتراف وتحمّل للمسؤولية وشرح واقعي لأسباب التأخير أو التقصير، مع التزام جاد وواضح بالإصلاح، حينها يصبح التبرير وسيلة للتوضيح لا للهروب.

سياسياً، وهو ما يهمنا في هذا الموضوع، يعتبر التبرير أخطر من التقصير ذاته، لأنه يحول المسؤولية إلى كرة ثلج تتدحرج من وزارة ومؤسسة وهيئة إلى أخرى.

التبرير لا يوقف الخطأ فحسب، بل يحميه ويغذيه. فحين يبرر وزير او مسؤول عجز وزارته او جهته بالظروف أو الإمكانات، فهو يرسل رسالة أن الخلل باقٍ ولن يُعالَج.

وحين تُبرر المؤسسات تقصيرها بروتين القوانين، فهي تفتح الباب للمزيد من التراجع والبقاء في المكان نفسه.

الموظف الذي يبرر تقصيره، بالاعذار تتحول عنده كل فرص الإصلاح إلى الإغراق في دوامة الأعذار والتراجع بالاداء والانتاج.

لم يحدث ان تطورت ونهضت الأمم التي لا تخطئ، بل تلك التي تمتلك الجرأة لتقول: نعم أخطأنا، وسنصحح اخطاءنا بعد ان نعترف بها، لأن الاعتراف بالخطأ قوة.

لن نعرف طريق الإصلاح ما لم نكسر هذه القاعدة: لا للتبرير.. نعم للاعتراف والمراجعة.

كل خطوة للأمام تحتاج إلى وضوح، والوضوح لا يبدأ إلا من مواجهة الحقيقة بلا أقنعة.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد