: آخر تحديث

«أميمة الخميس... الروائية السعودية»

3
3
3

ناهد الأغا

قد يميل المرء إلى من يفهم إيماءات صمته.. ذاك الذي لا يطرح الكثير من الأسئلة.. لأننا في ذواتنا أكثر صدقا ما نكونه حين نعتزل الحديث وقواعده.

وهناك من لا يجيد الكلام بقدر ما يجيد رسمه في سطور.. فما بين السطور عالم المرء المتكامل الخاص به والذي يديره بنفسه كيف يشاء.

فعندما يعترينا شغف بمعرفة شخص ما نلجأ إلى قراءة كلماته؛ نتأمل سرده الذي لابد أن يطل علينا من نافذة حروفه لتتضح الصورة..

صورة يكتنفها شعاع من نور لا ينبثق إلا من تلك الأرواح الشفيفة التي آثرت أن تكون النور ذاته الذي يضيء العتمات ويفسح الطريق من خلال شعاعه لينير المسافات لأولئك الذين غلبهم التيه وضاقت بهم سبل الحياة.. ذاك النور الذي يكون في كثير من الأحيان قنديلا يضج نقاء ليزهو بكل من عشق التقرب منه وقرأه عن كثب..

ومن تلك الثلة التي تمتلك هذا الفيض البهي ؛ يطالعنا اسم لمع في عالم الرواية فتألق حد التميز.. ورسم بسرده المبهر عبر سطوره طريقه الإبداعي.. فسجل حضوره القوي في عالم الروائيين.. إنها الروائية والشاعرة السعودية الجميلة أميمة الخميس..

أميمة الخميس التي استطاعت بثراء سردها أن تجمع بين إبداع النص وغبطة القارئ الذي يقبل بشغف يفيض عشقاً لقراءة رواياتها.. وهذا يتجلى في أغلب أعمالها لاسيما روايتها «مسرى الغرانيق في مدن العقيق» التي نالت جائزة «نجيب محفوظ للرواية العربية» عام 2018م؛ كما حصلت على ترشيح ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» عام 2019م... وكان لروايتها «الوارفة» نيل ترشيح الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» عام 2010م... كما نالت الكاتبة الفاضلة جائزة «أبها» للقصة عام 2001م...

أميمة الخميس الأديبة السعودية التي أصدرت عدداً من الروايات، كما أشرنا، ومجموعات ترفد أعمالها من القصص القصيرة.. تحرر زاوية ثلاث مرات أسبوعياً في جريدة الرياض تحت عنوان منطق الغيم.. ولها كتب موجهة للأطفال؛ ترجمت أعمالها لعدد من اللغات مثل الانجليزية والفرنسية والتشيكية واليابانية والكورية..

وفي معرض الإضاءة على سيرتها العطرة ، أيضا عملت مديراً للإعلام التربوي في وزارة التربية والتعليم من سنة 2001 إلى 2011م ؛ كذلك ترأست اللجنة النسائية في وكالة الشؤون الثقافية 2007 إلى 2010م وشاركت بفعالية في عدد من المحافل الثقافية الدولية.. وأجريت حول أعمالها جملة من الدراسات النقدية والأكاديمية المستفيضة والتي تثري مخزون كل من يتلمس دراسة هذا المجال من الأدب..

تقول أميمة الخميس في حوار أجري معها حول الكتابة الروائية وحق لنا أن نتوقف عنده لما فيه من رؤية ملؤها الحكمة والنصح على المستوى الشخصي والعام أيضا.. حيث كان السؤال: ماذا ينقصك كروائية؟

حيث أجابت:

«ينقصني صناعة الكتاب؛ أقصد أن يكون هناك نتاج إيجابي وفضاء نشط يضمن أن يوزع الكتاب على مساحات كبيرة في عالمنا العربي؛ أيضاً لابد من صناعة مؤسساتية تدفعه للأسواق وفي منافذ الانتشار ؛ سواء على مستوى الترجمة والعرض»...

ولعل ما يلفت القارئ في أعمال أميمة الخميس ذاك الإبحار الذي يصل إلى حد الغوص العميق في ثقافة الطعام والذي أظهرته في العديد من زوايا رواياتها والإصرار على تدوينه؛ وكان تعليقها حول ذلك بأن:

«فكرة الكتابة على طاولة المطبخ دفعني لها أمران؛ الأول إعجابي بكتاب إيزابيل الليندي أفروديت والذي يدور حول الطاقات الأنثوية المتوقدة المستمدة من الطبيعة والحقول؛ وكيف أن بإمكان المرأة أن تمرر سلال الحقل لمطبخها وتستثمر ركام خبراتها المتحدر من جداتها وقرون لازمت فيها المطبخ؛ لتجعل من الطبخ تجربة أنثوية وإبداعية في نفس الوقت؛ توازن المقادير؛ لسعة البرودة وضجر السخونة ؛ المخصبات والمطعمات التي تذر فوق القدر ابتداءً من الفلفل الأسود انتهاء بأنفاسها وتدفق أمومتها ورحيق مزاجها ذلك النهار؛ أي تمارس سطوة أفروديت و عشتار المغوية لطرف ثالث بينها وبين المطبخ»...

هذه القطعة السردية التي تتضوع من بين جنباتها الدهشة سكبتها أميمة الخميس في عدد من رواياتها.. حيث مدونتها السردية القصيرة استعادة للبحريات صفحة 61، واستعادة للوارفة صفحة 70 ؛ والغرانيق صفحة 82...

وتبقى أميمة الخميس، ابنة الشاعر والمؤرخ عبد الله بن محمد بن خميس، مؤسس صحيفة الجزيرة، وابنة الرياض النابضة بالعراقة، سليلة عائلة تتقد ثقافةً وأدبًا في حضورها، أضافت فصلاً استثنائياً إلى الأدب العربي، واتّسعت لغتها بالعذوبة حتى غدت بصمتها فريدة، متميزة بقدرتها على الإمساك بجوهر التنوع الثقافي في العالم العربي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد