: آخر تحديث

النظام الدولي.. إلى أين؟

4
4
4

عماد الدين حسين

ما النقطة التي يقف فيها النظام الدولي في اللحظة الراهنة؟ هذا السؤال لا توجد له إجابات حاسمة بل تتفرع منه العديد من الأسئلة.

السؤال الثاني: هل صعدت الصين فعلاً لمشاركة أو مزاحمة أمريكا في قيادة النظام الدولي، أم أنها لا تزال تتقدم اقتصادياً، لكنها غير قادرة على منافسة أمريكا عسكرياً؟

السؤال الثالث: هل انتهت روسيا كقطب عالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وغرقها في «المستنقع الأوكراني»، أم أنها لا تزال تشكل رقماً صعباً في النظام العالمي؟

السؤال الرابع: ما دور الاتحاد الأوروبي، وهل هو قوة حقيقية مستقلة، أم ما يزال مجرد تابع للولايات المتحدة؟

السؤال الخامس: ما دور الهند وبقية الدول البازغة، في أي نظام دولي جديد؟

تلك هي أبرز الأسئلة، وسنسعى لمحاولة تقديم إجابات مبدئية لعلها تقدم لنا صورة مقربة من الواقع.

منذ سنوات والعديد من الخبراء والمحللين يقولون إننا بصدد نظام دولي جديد يقوم على عالم ثنائي القطبية بين أمريكا والصين، أو عالم متعدد الأقطاب يشمل أيضاً روسيا والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل وبعض دول مجموعة العشرين.. لكن حتى هذه اللحظة فإن هذه الفرضية لم يتم اختبارها عملياً، فالولايات المتحدة ما زالت تتصرف باعتبارها القوة العظمى الوحيدة عالمياً.

الرئيس الأمريكي ترامب ومنذ عودته للبيت الأبيض للمرة الثانية، وهو يهدد ويتوعد الجميع عسكرياً واقتصادياً.. فهو وإضافة لقصف إيران، هدد بضم قناة بنما، وجزر غرينلاند.. واقتصادياً شن حرباً شاملة ضد كل دول العالم وفرض رسوماً جمركية، وأجبر حلف الناتو على زيادة مساهمة الأعضاء بنسب تصل إلى 5 % بحيث لا تتحمل الولايات المتحدة النسبة الأكبر من ميزانية الحلف، ولا ننسى أن ميزانية الدفاع الأمريكية تقترب من تريليون دولار وهو ما يمثل 39 % من الإنفاق الدفاعي في العالم البالغ نحو 2.4 تريليون دولار، كما تساهم بأكثر من 70% من إجمالي إنفاق حلف الناتو، وهو ما يعني أنها ستظل القوة العسكرية الأولى عالمياً لسنوات.

اقتصادياً ما تزال أمريكا أيضاً هي القوة الأولى عالمياً بناتج محلي إجمالي يبلغ نحو 27.7 تريليون دولار، في حين أن الصين في المركز الثاني بنحو 17.7 تريليون دولار.

الصين ربما تواصل ملاحقة أمريكا اقتصادياً، لكنها بعيدة عنها تماماً عسكرياً، وما يشغل الصين أكثر الآن هو استمرار النمو الاقتصادي، وليس البحث عن المركز الأول ودليل ذلك، أنها لم تسترد تايوان حتى الآن كي لا تثير غضب واستفزاز أمريكا.

أما روسيا فهي غارقة فعلياً في المستنقع الأوكراني وأمريكا تستنزفها هناك، وفرضت عليها عقوبات غير مسبوقة، ورغم أن ترامب تواصل هاتفياً أكثر من مرة مع بوتين وفك عنه الحصار السياسي الذي فرضته إدارة جو بايدن، لكن ترامب انقلب مؤخراً على بوتين، وأمهله 50 يوماً فقط للوصول إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وإلا فرض عقوبات اقتصادية كبيرة، إضافة إلى أنه سمح ببيع صواريخ طويلة المدى لأوكرانيا، تدفع ثمنها الدول الأوروبية.

وفي ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي فقد ثبت أنه في مأزق كبير، وخصوصاً مع دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا في فبراير 2022، وعدم قدرة أوروبا على مواجهة روسيا عسكرياً من دون دعم الولايات المتحدة، بل إن بعض نظريات المؤامرة ترى أن واشنطن أغرت موسكو بالغرق في المستنقع الأوكراني حتى تضعف روسيا وأوروبا معاً، ليس فقط عسكرياً، ولكن بالضغط على أوروبا للتوقف عن استيراد النفط والغاز الرخيص من روسيا والاعتماد على أمريكا فقط.

تقديرات بعض المحللين تشير إلى أن العالم يمر الآن بمرحلة سيولة شديدة قبل أن يستقر على وضعه الجديد.

كل ما يتمناه المرء ألا يكون العرب هم الذين سيدفعون ثمن الانتقال من نظام إلى آخر، مثلما حدث مع معظم التغيرات الدولية من نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى الآن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد