الحكومة عندما تُشكل، ستكون الأولويات في مهماتها وعملها، تحقيق إصلاحات سياسية، واقتصادية، وتوفير خدمات أساسية أو بالأحرى تطوير الخدمات حين تكون متعثرة أو فاشلة، ومتخلفة، لكي يتم توجيه العمل والتركيز الحكومي على هذه الأولويات، التي طال انتظارها منذ سنوات عجاف!
فبعد عودة سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله إلى أرض الوطن بعد غياب طويل، وانتهاء الفراغ التنفيذي، يلتئم شمل مجلس الوزراء برئيسه الذي لم نسمع صوته، ولم نتعرف على اهتماماته، ورؤيته للأولويات الحكومية، وبرنامج التنفيذ.
لقد جاء تعيين الشيخ أحمد العبدالله رئيسا لمجلس الوزراء في مرحلة دقيقة، بعد حل مجلس الأمة، وتنحي أو إعفاء الشيخ الدكتور محمد صباح السالم من رئاسة مجلس الوزراء، لذا تتعاظم الطموحات، والتطلعات إلى زيادة وتيرة التنفيذ، وتحقيق إصلاحات جذرية، في أجهزة الدولة.
حكومة الشيخ أحمد العبدالله تختلف عن الحكومات السابقة، لأنها حكومة تتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة، تمكنها من قيادة القطار خارج أسوار البيروقراطية، خصوصا في عدم وجود بيئة تعيق تنفيذ الخطط الحكومية، ولا تتسبب في جزع الوزراء من الاستجواب كما شاع، وتردد سابقاً قبل حل مجلس الأمة!
مضى وقت كثير خلال 12 شهراً منذ حل مجلس الأمة في 10 مايو 2024، وهي فترة كافية في تقييم أداء الوزراء، ومعرفة مكامن الخلل، والبطء، وهوس الاستعراض الإعلامي، والأسباب التي حالت دون تقديم الحكومة لبرنامج عملها، وتأجيل العرض "المرئي المالي"، والتواصل الفعال مع الشعب!
غاب عن الإعلام الرسمي التناغم مع سياسات، وقرارات الحكومة الخاصة بالجناسي، والهوية الوطنية، ولم نعرف أسباب هذا التقاعس، أو التجاهل، أو الإهمال، ولا ندري ما هي الخطة الإعلامية في مواجهة التصدع الاجتماعي المحتمل، وخطط تعزيز الوحدة الوطنية؟
قطع الكهرباء المبرمج أصبح جزءاً مبكراً من الحياة اليومية، وقبل دخول لهيب حرارة الصيف، ومشاركة الكويت في اجتماع حقوق الإنسان في جنيف كانت دون المستوى، وغياب لافت في الديبلوماسية الكويتية عن الساحة الدولية، والإقليمية، رغم سخونة الملفات الكويتية، والعربية! من الصعب على أعضاء الحكومة ورئيسها الاتفاق على أمر في السياسة، ربما بسبب تواضع خبرات بعض الوزراء أو الغالبية من ناحية سياسية بحتة بوقت شديد الحساسية على الجميع، وربما بسبب المجاملة أو المبالغة في الصبر، والتريث، والاجتهاد المفرط، أو الضبابية السياسية!
من منظور واقعي، ليس غريباً اختلاف تكوين صبر المواطنين وطبيعته عن الوزراء، لأن الوزراء يتقاضون أجورا وامتيازات سخية علاوة على القسم الدستوري، مقابل أن المواطن المتقاعد، لا يقوى على التمتع بالصبر الحكومي نفسه، ولا الموظف البسيط قادر على الإجابة عن أسئلة عامة الناس!
لن يكون غريباً اشتعال الأسئلة المشروعة في المجالس الشعبية عن طبيعة التغيير في الحياة السياسية، والعمل الحكومي عموماً، بعد حل مجلس الأمة، لكن في المقابل يمكن للشيخ أحمد العبدالله إطفاء حرائق طول الانتظار، فليس هو غريب على العمل الحكومي تحت قبة مجلس الأمة وخارجها.
لكي نكون شركاء حقيقيين في المرحلة الراهنة، في تحقيق الإصلاح المأمول، نأمل أن يكسر حاجز الصمت رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله، ويبدأ في مد جسور الشفافية، والتواصل الفعال مع الصحافة، ووسائل الإعلام، أي السلطة الرابعة، ليتسنى لنا معرفة دورنا، وحقوقنا، وواجباتنا كشعب، ودور مجلس الوزراء، في التحولات المنشودة حكومياً.
أمام رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله كثافة من العمل السياسي والإعلامي، لأننا في مرحلة استثنائية تتطلب تقاسم المسؤولية من دون مجاملات عاطفية، واسباب فارغة من التبرير، ولا المبالغة في التكهنات! نأمل من رئيس مجلس الوزراء تحمل قسوة الزمن، والتعبير، لما فيه خير وازدهار البلد، ومعالجة العثرات، وتسمية مصادرها، وتوجيه طاقات الوزراء نحو إصلاحات شاملة تعيد الأمل في أرواح العطاشى من أجيال مختلفة.