: آخر تحديث

جريمة تعدين العملات

0
0
0

هل تتجاهل الكويت فرصا كبيرة بالاستثمار في طاقات الشباب، في ظل ما يمكن ان نُطلق عليه الفجوة بين القوانين وطموحاتهم العصرية؟

إيقاف مجموعة من الشباب الكويتيين مؤخرا لقيامهم بتعدين العملات الرقمية، من الامور التي تحمل أبعادًا قانونية، اقتصادية، وتنظيمية، ما يعكس بدوره تحديات تواجهها بعض الدول في مواكبة التكنولوجيا المالية الحديثة.

حجة استغلال كهرباء الدولة وانخفاض سعرها في ممارسة نشاط تعتبره الدولة غير قانوني، قد تساهم او تحدّ من الإبداع وتزيد الاحساس بالتهميش لدى جيل يريد أن يكون جزءًا من الثورة الرقمية.

اذا كان العذر هو الاستخدام غير القانوني للكهرباء فالاجدي تغريمهم قيمة فاتورة الكهرباء حسب استخدامها (غير القانوني بنظر الدولة).

هذا يجعلني اطرح سؤالا، اذا كانت الحجة استهلاكا مبالغا فيه للكهرباء الرخيصة مما يساهم في مشاكل الكهرباء وانقطاعها عن اجزاء من البلاد، فهل يتم التعامل معي بنفس الاسلوب والطريقة اذا استخدمت الكهرباء في انشطة اخرى، مثل اعمال المصانع والانتاج، او حتى استهلاكها بشكل مبالغ فيه في بيتي؟

اعتقد ان اقصى ما يقع علي هو تسديد قيمة فاتورة الكهرباء وقطعها عليّ اذا لم اقم بتسديدها في وقتها.

في الوقت الذي تشهد فيه بعض الدول (مثل الإمارات وسنغافورة) احتضانًا منظمًا للعملات الرقمية.. يكشف ذلك عن فجوة عندنا.. لابد من الوقوف عندها، بين التطلعات الشبابية وخاصة في المجال الاقتصادي، وبين التشريعات التقليدية الحالية، التي يؤدي غيابها الي انحسار فرص ممارستهم لبعض النشاطات العصرية.

عدم وضوح التشريعات وعصرنتها، بالتأكيد سيؤديان الى ممارسة هذه النشاطات وغيرها بالظل أو عبر منصات خارجية، كما حصل مع هؤلاء الشباب.

وهذا بالتأكيد لا يحصل.. إلا لعدم وضوح موقف الدولة منها، ومن ثم تطولهم المساءلة القانونية، وهذا كله بسبب غموض اللوائح بهذا الشأن.

الشباب الكويتي كغيره من الشباب، لديه طموح بتجاوز النماذج التقليدية للوظائف والدخل وايجاد مصدر دخل من خلال الاقتصاد الرقمي والتداول فيه بغرض الاستثمار.

وموضوع العملات الرقمية يعتبر عند بعض الحكومات والافراد تحولا ذهنيا وفرصا اقتصادية غير قانونية وغير واقعية، عكس الوضع عند دول وافراد اخرين.

بعض الدول الغربية والعربية (مثل الإمارات وسنغافورة) يعتبرون حضنا منظمًا للعملات الرقمية، فيما تعاني الكويت من غياب تشريعات واضحة بهذا الخصوص مما يجعل الشباب يبحث عن مكانا يحتضنهم ويمارسون فيه نشاطهم الاقتصادي هذا.

وهذا بالضبط ما سيحصل حين تهاجر العقول والطاقات الشبابية الكويتية الى دول قريبة اخرى (وقد بدأت بعضها بدعوتهم فعليا).

الشباب بالكويت يحتاج الى الفهم وليس المنع والعقاب، والى التوجيه انطلاقا من المنطق والوضوح، وخاصة في المجالات العصرية التي اقولها وبحسرة.. ان بعض مسؤولينا غير ملمين بها ويفهمونها بشكل مغاير تماما لفهم الشباب لها.

بدلاً من العقاب الفوري، من الأفضل وضع إطار تنظيمي لموضوع التعدين (حتى وان كان القانون الكويتي لا يجيز رسميًا تعدين العملات الرقمية)، الا انه ولعصرنة الاقتصاد، لا يمنع ان يكون ضمن حدود قانونية واقتصادية واضحة.

يبقي السؤال المهم:

هل العملات الرقمية مجرد «فقاعة مالية»، ام انها رمز لجيل جديد من الاقتصاد والمعرفة؟

بدورنا، نحن الجيل التقليدي، علينا عدم تجاهل هذا التحول، بل التعرف عليه وفهمه، على النحو الذي يساعد في تطوير المجتمع ورقيه.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد