: آخر تحديث

ماذا يبحث مودي وبوتين في القمة المرتقبة؟

1
1
1

عبد الله المدني

قريباً جداً ستتجه الأنظار نحو العاصمة الهندية نيودلهي، التي ينتظر أن تشهد لقاء قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي.

وسيتركز الاهتمام على نتائج هذه القمة، التي لم يحدد موعدها بعد، لكن الإعداد لها قائم على قدم وساق، طبقاً لوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف.

وبطبيعة الحال، هذه ليست القمة الأولى بين الزعيمين، لأنهما عقدا قمماً عدة، كان آخرها في موسكو الصيف الماضي. غير أن القمة المرتقبة تستمد أهميتها من المستجدات والمتغيرات الكثيرة التي طرأت على الساحتين الإقليمية والدولية مذاك.

ويمكن للمتابع، بشيء من القراءة المتفحصة للمشهد السياسي الراهن في العالم، وبشيء من العودة إلى ماضي العلاقات الودية بين نيودلهي وموسكو، والروابط الاستراتيجية بين الهند والاتحاد السوفييتي السابق، إبان حقبة الحرب الباردة، أن يتوقع طبيعة الملفات والقضايا التي ستتم مناقشتها بين مودي وضيفه الروسي.

من المتوقع أن يكون على رأس جدول الأعمال، قضية التعاون العسكري بين الدولتين.

فالهند التي لها تاريخ طويل من التعاون العسكري والدفاعي مع الروس، لئن بدت متطلعة إلى تحديث ترسانتها العسكرية عبر شراء أسلحة أمريكية متطورة، إلا أنها تخشى من الشروط المرتبطة بالسلاح الأمريكي وتقنياته، وأيضاً من تكاليفه الباهظة، وتأخر عملية تسليمه، وبالتالي، فهي تفضل استمرار تعاونها مع موسكو، للحصول على التقنيات الروسية الضرورية لتطوير المجمع الهندي للصناعات العسكرية، ولتزويد جيشها بطائرات سوخوي الروسية من طراز «سو - 57» الحديثة (طرحت روسيا رسمياً على الهند خلال معرض «إيروانديا 2025»، في بنغالور، فكرة الإنتاج المحلي لهذه الطائرات الشبحية)، وبصواريخ كروز براهموس (صاروخ هندي أسرع من الصوت، تم تطويره بمساعدة روسية، ويعمل على مرحلتين: الأولى عبارة عن محرك يعمل بالوقود الصلب، ويمكنه تسريع الصاروخ إلى سرعات تفوق سرعة الصوت قبل فصله، والثانية عبارة عن محرك نفاث سائل، يمكنه دفع الصاروخ إلى سرعة 3 ماخ).

والمتوقع أيضاً أن يحظى ملف الطاقة بنفس أهمية ملف التعاون العسكري، خصوصاً مع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، بفرض رسوم جمركية عالية على الدول المشترية للنفط الروسي.

والمعروف أن الهند برزت منذ عام 2022، كشريك رئيس لروسيا في مجال الطاقة، ناهيك عن ارتباط البلدين باتفاقية نفط تاريخية لمدة عشر سنوات، تم توقيعها العام الماضي، وذلك على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على تصدير النفط الروسي.

كما لا ننسى أن الهند مستثمرة رئيسية في المشروع الروسي العملاق في القطب الشمالي، الخاص بالغاز الطبيعي المسال.

ويعتقد المحلل الروسي، أندريو كوريبكو، أن من الملفات التي يحتمل مناقشتها في القمة، التصعيد الأمريكي ضد إيران، والذي يهدد الجدوى الاقتصادية لممر النقل بين الشمال والجنوب، الذي تخطط روسيا والهند لاستخدامه في توسيع تجارة كل منهما.

ويضيف قائلاً ما مفاده، إن التقارب الناشئ بين بوتين وترامب، قد يساعد موسكو على لعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن، وإذا ما حدث ذلك، فإن روسيا تحتاج إلى داعم إقليمي قوي للعملية، ولن تجد أفضل من الهند.

من جهة أخرى، توقع أكثر من مراقب، أن تتم أيضاً مناقشة القضية الأوكرانية، من منطلق أن مقترح بوتين الأخير بتولي الأمم المتحدة السيطرة المؤقتة على أوكرانيا، يستلزم الاستعانة بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لمراقبة وتطبيق وقف إطلاق النار.

والهند، كما هو معروف، كانت دوماً من أكبر المساهمين الموثوقين عالمياً في عمليات حفظ السلام في مواقع النزاعات.

بقي أن نشير إلى حقيقة سعي كل من الهند وروسيا، إلى أن يكون لكل منهما دور مؤثر في النظام العالمي، وهذا يعني تطلعهما إلى تحويل النظام العالمي من أحادي أو ثنائي القطب، إلى تعددي ثلاثي القطب، مكون من الولايات المتحدة، والصين، وروسيا مع الهند.

ولهذا، ينتظر أن يتضمن أي بيان للقمة المرتقبة، الدعوة إلى مثل هذا النظام، حتى لو كان قيامه مستبعداً في المدى المنظور.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد