: آخر تحديث

مواقف إنسانية

6
6
7

عبدالله خلف

مجلة «العربي»، كانت بمثابة سفيرة الكويت لجميع الدول العربية، ودولٍ عالمية، قبل أن تكون للدولة سفارات، وقبل إعلان الاستقلال.

وكانت علاقتها مع جميع الدول العربية، علاقة ودٍّ ومحبة.

عدد مجلة العربي الأول قدم تحية إلى جيش التحرير الجزائري، ونزلت مجلة العربي في ساحات اقتتال جبهة التحرير، في الجبال والوديان، وهي تُقاوم الاحتلال الفرنسي بأسلحته الحديثة المتطورة الفتاكة أمام أسلحة الشعب المتواضعة.

فشل نصفُ مليون جندي فرنسي في إخماد الثورة الجزائرية.

ساهم الشعب الكويتي في تقديم التبرعات لجبهة التحرير من أجل حرية الشعب الجزائري.

هكذا، حتى تحررت الجزائر؛ لأنها كانت تحمل لواءً واحداً لحزب واحد، بينما فشلت قضية فلسطين في تحرير بلادها؛ لأنها أقامت أكثر من ثلاثين حزباً وتنظيماً وجبهات وفصائل، معظمها كان يتبع دولاً عربية انقلابية ذات أحزاب عديدة.

(المرجع: الموسوعة العربية العالمية.. الجزء الأول ابتداء من صفحة 265).

وفي العدد الأول من «العربي» جاء تحقيق عن ثروة العراق من التمور، وقصة 32 مليون نخلة، وقَصّرَ هذا التحقيق في أن يُشير إلى أن كل تمور العراق التي كانت تُصدرها الكويت إلى دول أفريقية، وإلى الهند الكبرى، وبمقتضى بيع هذه التمور، كان (نواخذة) السُفن أي ربابنتها يشترون حوائج العراق من أخشاب وملابس وبهارات على الثقة العالية... النابعة من أخلاق أهل الكويت وأماناتهم على أموال الغير، وتعاقبت مجلة العربي في نشر التحقيقات عن الوطن العربي.

***

أول بعثة طبية كويتية دخلت الجزائر...

في أتون الحرب الجزائرية لتحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي واجهت صعاباً في قلة الأطباء وأزمة العلاج عندما ترك الأطباء والعاملون ومعهم أجهزة التمريض البلاد هرباً من الحرب حتى انهارت الخدمات الطبية؛ فبعد أن كان في الجزائر 2000 طبيب لم يبق منهم إلا مئتان، وكان المقيمون 2500 فأصبحوا 250.

في اجتماع لمجلس الوزراء الكويتي فضّ وزيرُ الصحة برقية مستعجلة، فيها: «نستنجد بكم لتزويدنا ببعثة طبية كويتية تتولى مهام الخدمات الطبية، والإشراف على نصف مليون لاجىء جزائري يريدون العودة إلى بلادهم، وهم في حاجة للعلاج من جراحات مختلفة من ولايات عديدة...»، وأحيط أمير البلاد المغفور له الشيخ عبدالله السالم، بهذا فأمر وزارة الصحة بأن ترسل بعثة طبية في حالة مُستعجلة، ولو نقص من الخدمات الصحية في بلادنا..

برقية الاستغاثة التي أُرسلَت إلى الكويت، أرسلت مثيلات لها للدول العربية ولم تُلبّ النداء إلا دولة الكويت...

وفي صباح 22 مايو سنة 1962 غادرت البعثة بطائرات كثيرة مع أجهزتها الطيبة، واستقبلها في مطار الجزائر العاصمة رئيس الحكومة الجزائري الموقتة، ومعه أحمد بن بلا، وطلبا أن تتوزع البعثة إلى سائر الولايات الجزائرية واستقلت البعثة طائرات حربية عدة، بدأت البعثة عملها وسط وابل من الرصاص والقاذفات، وحفظاً لأرواح أعضائها... لاذت بقمم جبل (سانتاكروز) ليتوجه إليهم المرضى والجرحى من كل مكان.

وتوزع أطباء الكويت في مواقع القتال الخطرة... وتابعت وزارة الصحة بإرسال المعونات الطبية، منها أطباء للأطفال وخدمات الأشعة والمختبرات، وتتابعت الاختصاصات الأخرى كالعيون والعظام، وكما قال تحقيق «العربي» العدد 51 بتاريخ فبراير 1963:

إن هناك 200 أعمى قد أبصروا من مرض (الكتركت) الذي يُعتم عدسة العين، ويحجب عنها الرؤية... وأجرى الدكتور طبيب العيون، توفيق تُرك، أكثر من 200 عملية خلال شهرين فقط... وكان أمين البعثة الطبية الكويتية السيد يوسف علي الخميس، قد قال إن أعداد البعثة قد تزايدت بالاستعانة بأطباء من الكويت وخارجها، وقال السيد الخميس إن ما تقوم به البعثة جزء من واجبنا العربي...

هذه هي الكويت ومواقفها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد