: آخر تحديث

بداية عودة الكويت.. للريادة

4
4
4

ورد في بودكاست «سوالف» مع ضيف إحدى الحلقات، قوله انه ليس هناك في الجزيرة فن يسمى «فنا خليجيا»، فالفن هو أولاً وأخيراً سعودي!!

كان يمكن تجاهل ما قاله الضيف، ولكن العدد غير العادي الذي أيد كلامه، تطلب كتابة هذا المقال، ولا يعني ذلك أن ما سأقوله صحيح، في جميع الأحوال.

تاريخيا، وبعيدا عن الخليج، يعتبر اليمن مصدر الفن في الجزيرة العربية، لتوافر متطلباته فيه، من تراث وأدوات ومواد، وقربه من المنابع الأفريقية والهندية، وكلها أمور لم تكن أساساً تتوافر في غالبية أصقاع الجزيرة، خاصة صحارى الوسط. ويعد الغناء الصنعاني من أقدم أنواع الموسيقى فيها، وامتاز دائماً بألحانه العميقة وكلماته الشعرية، وتم إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي لليونيسكو. كما أن هناك الغناء العدني، الذي تأثر بفنون الموسيقى الهندية والأفريقية، وثالثها الغناء الحضرمي، الذي تميز بهدوء الصوت واللحن العذب. ومع بداية القرن العشرين، تأثرت الموسيقى اليمنية بالفنون المصرية، مع إدخال آلات موسيقية جديدة عليها، ومن اليمن جاء عدد من أشهر مطربي الجزيرة.

نعود للخليج ونقول إن الفن في البحرين والكويت سابق بسنوات طويلة بقية دوله، من دون أن نهضم عُمان حقها، فقد تمتعت الكويت بتاريخ ثقافي غني ومتنوع، والفن الغنائي والمسرحي فيها لعب دائماً دورًا بارزًا في التعبير عن الهوية الوطنية والقضايا الاجتماعية. وقد تطور الفن فيها على مدى العقود ليصبح جزءًا مهمًا من التراث الثقافي الخليجي والعربي. ولكون الكويت دولة ساحلية، فقد اشتهرت بالأغاني البحرية التي ارتبطت بحياة الغوص على اللؤلؤ والصيد والتجارة البحرية. ويعد فن الصوت فيها من أبرز الفنون الغنائية التقليدية، وهو نمط يجمع بين الشعر الغنائي واللحن الحماسي. كما أن هناك فن النهمة، الذي يؤديه «النهام» على ظهر السفينة لتحفيز البحارة وتسليتهم أثناء العمل، الشاق غالباً. كما اشتهرت الكويت بالأغاني الشعبية للأعراس والأعياد، ومن أشهر ألوانها فن الخماري والسامري. كما عرفت الكويت قبل 111 عاماً تسجيل أغاني مطربيها، في الهند وبغداد تالياً، على اسطوانات صلبة، وكانت سابقة لشقيقاتها بعقود.

وفي منتصف القرن العشرين، ظهر فيها عدد من الفنانين الذين أسهموا في تحديث الأغنية الكويتية، مثل عبدالله الفضالة، وشادي الخليج، وعوض الدوخي.

كما يعود تاريخ المسرح في الكويت إلى العقد الثاني من القرن العشرين، حين بدأ الكويتيون بإقامة عروض مسرحية بسيطة تعتمد على القصص الشعبية، حيث عرضت عام 1924 أول مسرحية مدرسية بعنوان «إسلام عمر». وكان للفنان المصري زكي طليمات دور كبير في تأسيس المسرح الكويتي الحديث.

كما سبقت الكويت غيرها بكثير في إبراز دور المرأة في الفن، من خلال مريم الصالح، والغضبان، وسعاد عبدالله وحياة الفهد، ولا ننسى عمالقة المسرح من أمثال عبدالحسين عبدالرضا وخالد النفيسي، وكبار العمالقة الآخرين.

عرف الخليج أول دار سينما في الكويت عام 1955، وكنت من أوائل من دخلها، مع والدي، في السينما الشرقية، التي كانت تقع خلف برج أحمد وديوان الملا، المطلين على مياه الخليج.

هكذا كانت الكويت، رائدة في كل شيء، وستعود لما كانت عليه، فهذه من طبائع الأمور، فقد كانت دائماً دولة منفتحة على الآخر، وعلى كل جديد، وضد الانغلاق والتشدد.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد