ناهد الأغا
في ذاكرة أبناء السعودية رجل متميز في فكره واجتهاده وعطائه ونبل أخلاقه وحبه لوطنه.
إنه غازي عبدالرحمن القصيبي ابن مدينة الأحساء التي ترعرع فيها ثم انتقل إلى البحرين لمتابعة دراسته وبعد ذلك إلى القاهرة التي حصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في الحقوق ونال الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا وأما الدكتوراه فمن جامعة لندن..
تولى عديدا من المناصب ومنها (وزير المياه والكهرباء - وزير العمل - سفير السعودية في البحرين - سفير السعودية في بريطانيا).
هذه الشهادات التي نالها والمناصب التي تقلدها لم تقف حائلا في وجه قريحته الشعرية التي أنتجت قلائد من درر الألفاظ وجمان المعاني في القصائد التي صاغها في مختلف الأغراض الشعرية.
لم يكتف بالشعر بل كان له نتاج آخر من القصة والرواية والكثير من الكتب ومنها (استراحة الخميس - العولمة - الهوية الوطنية - حياة في الإدارة) لذا قيل عن غازي القصيبي أديب بدرجة وزير وسندباد الشعر السعودي.
لقي أدبه انتشارا واسعا بين القراء ومتذوقي الشعر فترجمت بعض من قصائده إلى اللغة الإنجليزية وهذا يدل على جمال ما سكب من قوالب شعرية صاغها بدقة وذكاء.
غازي القصيبي عشق الوطن وكان له النصيب الأكبر في شعره؛ لأن الوطن عنده ملاك وقديس ذو مكانة عالية لا يمكن المساس بذرة من تراب وطنه ولا شيء يعلو عليه، والتمسك به هو الحياة وقد قال عنه:
أخسر ما تشاء
لكن إياك أن تخسر وطنا
عشت فيه بكرامة
وشعرت فيه بالأمن والأمان
فالأوطان كأحضان الأمهات لا تعوض أبدا
وخيانة الوطن
أشد فتكا من العدو
غازي القصيبي يتميز برقة الإحساس ورهافة القلب وصدق العاطفة، وفي إحدى المرات عاتبته ابنته قائلة: لماذا لا نراك يا والدي كثيرا وإنك دوما مهتم بعملك ونحن نشتاق إليك؟
فرد عليها بحنية الأب صاحب اللفظ السهل والمأنوس والمعنى البلاغي العميق قائلا:
يا أجمل الحلوات يا فرحتي
يا نشوتي الخضراء يا كوكبي
أبوك في المكتب لما يزل
يهفو إلى الطيب والأطيب
يصنع حلما: خير أحلامه
أن يسعد الأطفال في الملعب
من أجل يارا ورفيقاتها
اولع بالشغل فلا تغضبي
ومن أجمل ما قال في الحب:
الحب يعني: أنك لست في حاجة إلى الاعتذار أبدا.
العين التي يعميها الحب لا ترى سوى الكمال.
الحب هو القوة السحرية التي تمكن الإنسان في التعامل مع قضايا الحياة دون الاستعانة بخدمات الموت.
كم تتوق النفس لقراءة كل ما كتب وترك من إرث عظيم يحق لكل أبناء السعودية أن يفخروا به وبإنجازاته على كافة المستويات..
هذه لمحة موجزة عن الدبلوماسي السفير والوزير والشاعر الإنسان الدكتور غازي القصيبي.