: آخر تحديث

أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض

4
4
4

تبقى الذاكرة الإنسانية مخزناً لذكريات يصعب أن يمحوها الزمن، ربما لحدث أو أحداث متفردة أضاءت نوراً، وأحيت آمالاً، وعلى النقيض، فقد تكون مصدراً لحزن عميق، أو إحداث ندبة في الضمير الإنساني، فما بالنا إذا كانت الذكريات المحفوظة في العقل الباطن ارتبطت وجدانياً بصرح عملاق كان الأول في إمكاناته وقدراته، حيث يُقدم خدماته لأكثر من 500 منشأة صحية داخل وزارة الصحة وخارجها، كما يُعد صرحًا تدريبيًّا وتأهيليًّا رغم تلك الفترة الصعبة التي أنشئ فيها.

إن ظهور المختبر الإقليمي في مدينة الملك سعود الطبية بالرياض في هذا التوقيت يمثل في حد ذاته مناسبة وذكرى لا تنسى، إذ افتتح في عام 1384هـ بمنطقة الرياض، ويضم 15 قسماً، ويعمل به اليوم نحو 250 موظفاً بمختلف تخصصاتهم.

وحاز المختبر الإقليمي على اعتماد الجمعية الأميركية لبنوك الدم (AABB)، وكذلك اعتماد الآيزو (ISO 15189)، ليحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط، مازال على عهده منذ قرابة 60 عاماً.

ما زلت أحمل في قلبي وعقلي ذكريات لهذا المكان الخالد، وزيارتي الأخيرة له تحمل هذا القدر من التقدير والامتنان؛ لما يقدمه من خدمات لأبناء المملكة جميعهم، بل والقادمين إليها للعلاج، حيث يقدم خدماته لمراجعي مدينة الملك سعود الطبية، والمستشفيات داخل مدينة الرياض، والمراكز الصحية، ثم مستوى المختبرات، والبرامج الوطنية، وجميع المنظومة المخبرية في وزارة الصحة على مستوى الاختبارات التشخيصية الدقيقة، والقطاعات الحكومية الأخرى، التي تحتاج إلى خدمات صحية مخبرية، مثل الوزارات والهيئات الحكومية، وغيرها من القطاعات المختلفة، إضافة إلى القطاع الخاص، لما يتميز به أيضاً بعمل الاختبارات التشخيصية المتقدمة، مثل تشخيص الأمراض الوراثية، والوبائية، وأمراض الصحة العامة، والتشخيص المتقدم للأمراض البكتيرية والفيروسية، التي تحتاج إلى أخذ خزعات، وعينات من المرضى، وهذه الخدمات المقدمة من المختبر مجانية للمواطنين، والمقيمين الذين لديهم تأمين طبي، إضافة إلى التعاون مع الدول الأخرى التي جرى توقيع اتفاقيات معها بهذا الخصوص مع وزارة الصحة، والأهم من ذلك من وجهة نظري خططه التدريبية التي اشتملت على سبعة برامج، ثلاثة للأطباء الاستشاريين، وأربعة للماجستير والدكتوراه، وكذلك المركز المعتمد لتدريب طلاب وطالبات سنة الامتياز للعلوم الطبية والمخبرية، إذ يقدم المختبر التدريب لـ15 جامعة حكومية وخاصة.

ولأنني أحد المتابعين لهذا الشأن، واستقصاء أخباره، فقد تنامى إلى علمنا أن هناك خططاً لتدعيم أركانه التي أصابها الوهن، ولكنني أرى أن هذا الصرح يجب أن ينتقل إلى مكان آخر يتسع للأجهزة المتراكمة بداخله، إضافة لعلاج بعض التشوهات الموجودة داخل المدينة الطبية والعشوائية في المباني، وعدم وجود استراحات للنساء أو الرجال، وعدم وجود مواقف تستوعب أعداد الموظفين والمراجعين على السواء، لأن نقله إلى مكان يليق بإنجازاته سيتيح الفرصة لإجراء عمليات تطويرية للمدينة كلها، من خلال استغلال مكانه في إضافة خدمات تفيد المدينة الطبية العريقة، وتخفيف حدة الازدحام، وعلاج التشوهات البصرية وعشوائية الأبنية المتخصصة، وأعتقد أن "القيادة الحكيمة" للبلاد لديها رؤية كاملة؛ لإحداث طفرة نموذجية في مدينة الملك سعود الطبية، ومكان المختبر الإقليمي حال نقله من مكانه الحالي، وأن يكون المكان الجديد أكثر تطوراً ليتماشى مع استراتيجيات رؤية المملكة 2030، هذا إن كان أمر النقل له نصيب من الواقع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد