: آخر تحديث

1 - لغتنا العربية: في الطريق المنحدر!

13
13
13

ليلى أمين السيف

مرحباً بكم في زمنٍ حيث «الملعقة» العربية لم تعد تعرف الفرق بين تحريك السكر في كوب الشاي أو غَرف الحساء. نعم، «لغتنا العربية» الرائعة، التي كانت دوما تعبر عن الفصاحة والبلاغة، تجد نفسها الآن تتدحرج في منحدر حاد، وسط زحام الكلمات الأجنبية. وعلى سبيل المثال ليس إلا دعونا ننطلق في جولة خفيفة الظل بين الملاعق، والأحذية، والمعاطف وعالم السوشيال ميديا. آه أقصد مواقع التناحر والتفاخر الاجتماعي لنرى كيف تراجعت لغتنا في هذا السباق الغريب.

«الملاعق والشوك»

لِمَ الرطانة الأجنبية؟

في يوم من الأيام، كان من السهل أن تقول: أعطني «ملعقة» وتعرف فوراً أنك ستتلقى تلك الأداة الفضية اللامعة التي ستقوم بكل المهمات! ولكن في عالم اليوم؟ الأمور تعقدت. ففي الإنجليزية هناك على سبيل المثال أيضاً

- Teaspoon

- ملعقة الشاي.

- Tablespoon

- ملعقة الطعام.

- Dessert spoon

- ملعقة الحلويات

أما عندنا؟ فنقول: «أعطني ملعقة»، وينتهي الأمر! سواء كنت تريد تحريك الشاي، أو أكل الآيس كريم، أو حتى ضرب بيض الأومليت!

إخ.. أين أنت أيتها اللغة العربية الفصحى أظهري وباني وعليك الأمان. ماذا سيحدث لو قلنا «مقلي بيض مخفوق». وليس ذلك لأن في لغتنا عيبٌ لكننا لا نريد إصلاح الخلل. جميعنا يستسهل ما تعارف عليه الجميع.

اللغة بشكل عام هي مرآة المجتمع وحافظته الثقافية، فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل وسيلة لنقل الفكر والتاريخ والهوية. اللغة العربية كانت لقرون من أهم اللغات العالمية، حيث قدّمت تراثًا ضخمًا في الأدب والفكر والعلوم. ومع ذلك، في العقود الأخيرة، يبدو أن متحدثي اللغة العربية يعانون من تدهور في التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم اليومية بلغتهم الأم، خاصة فيما يتعلق بابتكار أو لنقل في استخدام مفردات جديدة تعبر عن التحولات العصرية. هذا التدهور يظهر بوضوح في تعاملنا مع الأشياء اليومية، حيث نجد أنفسنا نلجأ إلى اللغات الأجنبية، وبالأخص الإنجليزية، للتعبير عن مفاهيم جديدة أو حتى أشياء بسيطة ولإظهار مدى ثقافتنا ومكانتنا الاجتماعية.

تحديات المفردات الجديدة في اللغة العربية

من الأمثلة اللافتة على هذا التدهور هو كيفية التعامل مع المفردات الحديثة. في اللغة الإنجليزية، نجد أن الأدوات اليومية لها مكانتها في اللغات الأخرى بينما هي أصبحت ميتة في لغتنا الأم، وقد استغربت في عملي حيث كنت أسمعهم يسمون على سبيل المثال الملعقة بعدة أسماء وصفية وفقاً لاستخدامها، بينما نحن فمفردة «ملعقة» تفي بالغرض لجميع الاستخدامات.

تصدقون حتى «الشوكة» لديهم لها اسماء عديدة تقوم بالمهمات!

لديهم شوكة السلطة

(Salad fork)

وشوكة الحلويات

(Dessert fork)

أما نحن، فتكفينا «الشوكة» لكل شيء.

يبدو أننا نعيش حياة أبسط، أليس كذلك أو ربما، حياة أقل تنوعاً... لغوياً على الأقل! وأما الأحذية أكرمكم الله فقصتها قصة ولنا لقاء معها في مقالتنا القادمة. لكننا نختم حديثنا بقول شاعرنا العظيم حافظ إبراهيم شاعر النيل متحسرًا:

رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حصاتي

وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتي

رموني بعقمٍ في الشباب وليتني

عقمتُ فلم أجزع لقول عداتي

** **

- كاتبة يمنية مقيمة في السويد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد