سلمى هوساوي
يعد التاريخ العسكري جزءاً من تاريخ الدول، ونشاطها العسكري مرتبط ارتباطاً مباشراً ببنائها السياسي والاقتصادي بل والاجتماعي، كما يلازم التاريخ العسكري الدول وانتصاراتها ويرافق انحدارها وانهزامها.
ونظريات كل من الحرب البرية والبحرية والجوية تهدف إلى شرح طبيعة الحرب وصفتها وخصائصها، حيث تطورت عبر العصور التاريخية، فمثلاً كانت الحروب في الفترات الموغلة في القدم برية فقط، وهدفها الرئيس تأمين مصادر استمرار العيش، ثم تطورت إلى الحروب البحرية، وفي العصور الحديثة -ومع صناعة الطائرات- ظهرت الحروب الجوية، وصولاً للحرب الباردة والإلكترونية.
كذلك الوسائل والأسلحة تباينت مع مرور الوقت؛ ففي السابق كانت تستخدم الخيول والجمال والسيوف والسهام والدروع، ثم تطور الأمر فيما بعد إلى صنع السيارات والطائرات الحربية، وفي السابق أيضاً كان العدو يستغرق شهوراً حتى يصل إلى الوجهة المراد الهجوم عليها، أما في وقتنا الحاضر فتباينت وسائل وطرق الوصول للعدو والهجوم عليه، والمدة الزمنية أيضاً.
وقد أسهمت نظريات فن الحرب في التطور التاريخي للقوات المسلحة، وطرق إدارة الحرب والتنظيم والتسليح، فالنظرية العسكرية الحديثة تُستمد من تاريخ الحروب الذي يتضمن خبرات قتالية وإستراتيجيات وتكتيكات سابقة.
فالمملكة لديها فكر عسكري استباقي وقوة عسكرية جبارة في جميع قطاعاتها العسكرية، وتستخدم العديد من الطرق المختلفة في إدارة علاقاتها الخارجية وفي مقدمتها الحوار، وغاية هذا الحوار الوصول إلى الحلول السلمية بدلاً من الحروب المدمرة. أضف إلى ذلك، أنها تركز على الحفاظ على أمنها واستقرارها بدلاً من خوض الحروب المدمرة التي من الممكن أن يصل ضررها إلى أفراد المجتمع، فضلاً عن أن المملكة بارعة في نقل الحرب خارج نطاقها الجغرافي، وهذه من أدهى نظريات فن الحرب وإستراتيجياتها القديمة، وتستخدم المملكة الدبلوماسية في حل معظم الأزمات السياسية؛ لكونها بديلاً أكثر فاعلية من خوض المعارك الحربية، بل تدعم الدول الأخرى في المجالات التنموية والتطويرية، وتشجع على إرساء السلام بين الدول بدلاً من الحروب المدمرة.
إن تطور وتقدم نظريات فن الحرب والدبلوماسية في المملكة إنما هو امتداد للفكر العسكري لأئمة وملوك المملكة، وقد تطور وتقدم بصورة ملحوظة في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي أصدر مرسوماً ملكياً بإنشاء المدرسة العسكرية عام 1929م لتكون النواة الرئيسة للنظام العسكري والأمني، ومن بعدها أصدر مرسوماً ملكياً آخر بإنشاء وزارة الدفاع عام 1943م، وبعد ذلك توسعت القطاعات العسكرية واستحدثت أيضاً المستشفيات العسكرية.
ومن ذلك الحين وإلى وقتنا الحاضر والقوات السعودية تعمل وبخطى ثابتة وإخلاص وانتماء للوطن تحت قيادة سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
وعادةً ما يكون هناك استعراض للقوات العسكرية في اليوم الوطني، وغاية هذا الاستعراض تأكيد القوة والولاء والانتماء للوطن، ورسالة للمواطن تقول له: أنت في رعاية الله، ثم نحن حماة الوطن.
وما العرضة السعودية إلا نتاج للفكر العسكري للمملكة؛ إذ تعد العرضة السعودية جزءاً من النظرية العسكرية التي استخدمها الإمام عبدالعزيز بن محمد -طيب الله ثراه- لبث روح الحماس والثبات في الجيش السعودي أثناء المعارك.
وفي مجمل القول: تمتلك المملكة العربية السعودية نظاماً عسكرياً قوياً تواتر على بنائه ملوك المملكة على مدى السنين، ويعد نموذجاً يحتذى به على تباين أقسامه وفروعه.