عبدالعزيز الفضلي
إلى كل صاحب قلب نقي، وضمير حي، إلى كل إنسان يتجرّع مرارة الألم على ما يجري لأهل غزة من تشريد وتجويع وقتل وتقطيع، وإبادة ومجازر.
إلى كل من يتساءل: ألم يكن أهل غزة في غنى عن كل ذلك؟
إلى من دب اليأس في قلبه، وخالط القنوط فؤاده واعتقد بأنه لا فرج قريبا!
أقول لهؤلاء، لا تنظروا إلى ما يجري في غزة من المنظور الدنيوي البحت! إنما تأملوا المشهد بصورة أكبر، وفكروا بطريقة أشمل.
فميزان الربح والخسارة عند الناس يختلف عما عند الله تعالى.
فالموت في سبيل الله فوز وليس خسارة، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ولقد اشترى الله عز وجل من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
الأمر الآخر، لو تأمّلنا قصة أصحاب الأخدود التي جاء ذكرها في القرآن، وأثنى الله تعالى على أصحابها، لوجدنا أنهم آثروا اقتحام النار والفوز بالجنة، على البقاء على الشرك وعبودية الملك مدّعي الألوهية.
وأهل غزة كذلك اختاروا التضحية بالغالي والنفيس، وإيثار ما عند الله، على البقاء عبيداً تحت سلطة الاحتلال.
إن الإنسان الكريم يأبى أن يعيش بذل وهوان، ولقد كان بإمكان رجال المقاومة بيع القضية والعيش بالفنادق، كما فعل غيرهم، لكنهم رفضوا حياة النعيم، بالذل والهوان، وآثروا الموت بعزة وكرامة، ولسان حالهم ومقالهم قول عنترة بن شداد:
لا تسقني ماء الحياة بذلة
بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
أيضاً لابد أن ندرك أن ساعة النصر علمها عند الله، فلربما هُزم الباطل وهو في عز جبروته وطغيانه، كما حصل لفرعون والنمرود وعاد وثمود.
ولقد هُزِم الأحزاب في غزوة الخندق في الوقت الذي كانوا يتوقعون فيه أن يُلحقوا بالمسلمين شر هزيمة!
إننا متفائلون وسنبقى متفائلين بأن النصر والغلبة لأهل غزة وفلسطين طال الزمن أو قصر، ولقد وعد الله تعالى، عباده المؤمنين بالنصر والتمكين فقال «والعاقبة للمتقين». وقال سبحانه «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
والمطلوب أن يعمل أهل الحق جاهدين، وأن يعدّوا ما استطاعوا من قوة، وأن يصبروا ويحتسبوا حتى يأتي نصر الله، وكلنا ثقة بأن نصر الله قريب.
يقول الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، في كتابه «قذائف الحق»: «الأعداء كثيرون، والعوائق صعبة، والكفاح طويل، وربما صاح المرء وهو يودّع محنةً ويستقبل أخرى: أما لهذا الليل من آخر؟ إنَّ الفجر سيطلع حتماً، ولأَنْ يطوينا الليل مكافحين أشرفُ من أن يطويَنا راقدين».
X: @abdulaziz2002