: آخر تحديث

القدوة في حياة أطفالنا

11
10
14

فاطمة المزروعي

كما هو معروف وشائع فإن الطفل عندما يبدأ أولى خطواته نحو هذا العالم فإن جملة من المؤثرات المباشرة وغير المباشرة هي من تحدد شخصيته، وهي من تصنع اهتماماته والأولويات، فهو يعيش في وسط اجتماعي يتكون من عدد من الأفراد، ومن المؤكد أن كل واحد منهم يختلف عن الآخر، لذا نجد أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي السنوات المفصلية والمهمة، التي خلالها يتم بناء شخصيته ومختلف جوانب الحالة النفسية والمزاجية.

تعتبر القدوة في حياة الإنسان مصدراً من مصادر التربية، حيث تتشكل ملامح شخصيته من خلالها، ويجد الكمال فيها، تلك الشخصية التي يتعلق فيها من المفترض أن تجتمع فيها الفضائل والصفات الحسنة، لذلك فإن القدوة الأساسية والأولى في حياة الطفل من خلال وجود الوالدين اللذين يعتبران النموذج في حياته، ويتعلم من خلالهما تبني القيم والمثل العليا، لذلك فإن أي خلل قد يصدر عنهما، سواء في جوانب القيم الأخلاقية أو السلوكية أو حتى الاجتماعية وغيرها فإن ذلك السلوك قد يؤثر إما بالسلب وإما بالإيجاب، لذلك يجب على الأهل أن يحرصوا على أن يرى فيهم أطفالهم النموذج، الذي يحتذى به في تصرفاته وسلوكياته، ومن الضروري أن تطرح على الطفل بعض المواضيع، التي هي مثار جدل، والتي تخشى عليه أن يتأثر بها، وتناقشه فيها، المهم أن يدرك الوالدان أن تلك الأفكار والقيم والمعتقدات التي يتبنيانها في الحياة سوف تنعكس على أطفالهما، ذلك أن هذا السلوك الذي يعتمده الوالدان في حياتهما اليومية سوف ينعكس على جميع الأفراد والمجتمع بأكمله، لذلك يجب على الأهل والأسرة أن ننتبه لسلوكياتها في جميع تصرفاتها وأقوالها وأفعالها، ذلك أن الوالدين هما القدوة في حياة الطفل، من خلال التجارب والبحث، والتي استمرت لعقود تأكد لدى العلماء أن الكثير من الآراء والمعتقدات والسلوكيات التي يتبناها الكبار إنما هي نتيجة لمرحلة الطفولة التي مرت بهم، وكذلك الحال نفسه بالنسبة للسلوكيات المنحرفة والجرائم، حيث لا يقدم عليها إلا من عانى خلال الفترات الأولى من نشأته، وكان لها تأثير كبير في بيئته ونشأته، لذلك مثلما ذكرنا أن ما يجده الطفل من رعاية أولية من أسرته وخصوصاً الوالدين تسهم في استقراره النفسي، وتمنحه مساحة للتفكير والتأمل، فمن خلال هذه الأسرة يجد الطفل الراحة ويشعر بالحب والحنان، فضلاً عن الأمان والاستقرار، ومن خلال نفس الأسرة يتعلم الخطأ والصواب، ويكون على وعي بتلك الأفعال والممارسات الخطأ أو تلك التي تعتبر صحيحة.

لا ننسى أن القدوة يجب أن تكون على درجة عالية من الوعي والفهم، لأن الطفل سوف يقلدها ويسير على خطاها، وبالأخص في مراحله الأولى.

ولسلامة الطفل النفسية فإنه يحتاج لإقامة الصداقات وكيف يتعرف على أقرانه، وهنا يجب أن يتم التوجيه من بعيد، ودون التدخل القاسي أو المباشر سواء من الأب أو الأم.

هذا جميعه يمكن أن نحصره في مفهوم التنشئة الاجتماعية، والتي يقال إنها أشمل من التعليم وأهم، لأنها تبدأ مع الطفل منذ اليوم الأول لولادته، سواء أكانا بعلم أو دون علم، سواء بوعي أو دون وعي، فإن الطفل يتعلم من أقرب الناس له، ويلتقط منهم كل شيء، ويقوم بالبناء عليها ثم إعادة إنتاجها، لتكون قيماً بالنسبة له. هذا جميعه يؤشر لأهمية القدوة في حياة الطفل وأهميتها في الحياة المثالية لتنشئته التنشئة الإيجابية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.