محمد عبدالمقصود
بعد موسم إجازات طويل يعود طلابنا إلى مدارسهم وجامعاتهم، عبر موسم دراسي جديد، وبداية جديدة محملة بآمال وطموحات جديدة تستوعب أيضاً الكوادر التعليمية والأسر والعائلات، التي تعود مع سياق اليوم الدراسي الأول، إلى نظام وروتين أيام المدرسة.
رائحة الصباح تبقى مختلفة، وتفاصيله تعيد للأذهان المشاهد القديمة المتجددة، حافلات مدرسية في انتظار صعود الطلاب، وعلى مقربة منها سيارات أولياء أمور تقل صغاراً يقاومون آثار تغيير موعد استيقاظهم، وهذا الصغير الذي كان بصحبة والديه دائماً أمام باب منزله في انتظار الحافلة، ها هو اليوم يقف حاملاً حقيبته متسلحاً بثقة والديه فيه، واعتماده على نفسه، وآخر أتيح له أخيراً ممارسة سلطة ومسؤولية الأخ الأكبر، فراح يقبض على كفّ أخته الصغرى، حاثاً إياها على الهدوء والصبر في انتظار الحافلة.
مشاهد البدايات الجديدة وتفاصيلها أوسع من أن يحاط بها، فهي تتجدد مع كل طالب، وتختلف بين يوم وتاليه، والجميع معني بالأمر، حتى أولئك الذين تجاوز أبناؤهم المراحل السنية المدرسية، يحرصون على معايشة تفاصيله الحيوية، ويفضلون أن يكونوا جزءاً من هذا المشهد، بمتابعته في وقائع الأحفاد وسرد الأقارب والأصدقاء والجيران.
يظل للبدايات سحرها الخاص، فالنشاط والحماس والشغف التي تحملها دائماً مختلف، وكذلك استقبالنا لها، وتعاملنا معها، وإحساسنا بها، وإن تكررت، ومع كل بداية جديدة لا يبدو أن الليلة تشبه البارحة، فلا العقل أو الخيال البشري يتوقف عن إنتاج الجديد، ولا التحديات أو الظروف تبقى هي ذاتها، بل قد تتغير بين عشية وضحاها.
لو نبشنا في ذاكرة مقالات الرأي لوجدنا غيرنا وأنفسنا يكرر الحديث عن ظواهر أو مناسبات سنوية، كل عام في ذات التوقيت، وكأن الاهتمام الإعلامي تماماً كالعديد من الظواهر الطبيعية، موسمي بطبعه، وهو أمر ازداد مع اعتماد الأمم المتحدة أياماً عالمية عديدة، جعلت الظاهرة الواحدة تأخذ بعداً كونياً.. وليس محلياً أو إقليمياً.
ولكن مع ذلك يبقى للحدث الواحد ملايين، بل مليارات المذاقات، بتعدد ألسنة وحواس المستقبلين له حول العالم، بل وتعدد السياق النفسي والاجتماعي والزمني لذات الشخص، مع توالي البدايات.وفي عامنا الدراسي الجديد نتمنى لأبنائنا وأسرهم وكوادرنا التعليمية، وكامل المنتمين للمنظومة التربوية، ومجتمعنا بأسره، أروع البدايات... تقود الجميع بمشيئة الله، لأفضل النتائج والإنجازات، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وطريق الإنجازات الكبرى على مختلف الصعد ينطلق من البدايات الموفقة.