منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى السلام، وهي في غنى عن التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة سواء كانت دولاً أو تنظيمات، ولكن لعبة التوازنات تضع المنطقة برمتها على شفير الهاوية بحيث أصبحت اللعبة بين تل أبيب من جهة وإيران وأذرعها الموجودة في المنطقة من جهة أخرى مرهقة لدول المنطقة وشعوبها خصوصاً أن الطرفين أدخلانا في لعبة الحروب المتفق عليها، حيث يعمد كل طرف إلى إبلاغ الطرف الآخر بحدود هجومه العسكري وتوقيته، بل إن هذه اللعبة استهوت واشنطن عندما تبلغت عبر وسطاء بحدود الرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني. ها هو الأمر يتكرر مرة أخرى عندما أبلغت إسرائيل عبر أطراف دولية لبنان بأنها غير معنية بالدخول في مواجهة شاملة مع حزب الله. من حيث المبدأ هذا أمر مرحب به، فشعوب هذه المنطقة كما كل شعوب الأرض تريد السلام والأمن والاستقرار، وقد عمدت الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية إلى محاولة نزع فتيل التوترات والنزاعات مراراً وتكراراً، لكنّ لنا على هذا النهج الإسرائيلي الإيراني ملاحظتين؛ الأولى إنها إستراتيجية خطرة، فهي تلعب على حافة الهاوية وإمكانية التصعيد الشامل تبقى واردة. والملاحظة الأخرى أنها تعتمد على إستراتيجية إدارة الصراع أكثر من حله، وحتى تعرف حجم الكارثة من هذا المنطق يكفي أن تجول بعينيك على المنطقة حتى ترى المأساة الكارثية في غزة وكارثة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وتهاوي الوضع الإنساني في اليمن والكارثة الاقتصادية في لبنان، التي يمكن أن تتحول إلى كارثة إنسانية مهولة، مروراً بتحول سوريا إلى ساحة صراع، وأخيراً مجزرة الفتية السوريين في بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية المحتلة. وصف حسن نصر الله زعيم مليشيات حزب الله الحرب القائمة بين حماس وتنظيمات إيران في المنطقة مع إسرائيل بأنها حرب سوف تحسم بالنقاط وليس بالضربة القاضية لكن من الواضح أن حزبه لم يستطع أن يفيد حماس بأي شيء لا بالنقاط ولا بغيرها بالرغم من أنه يزعم أنه قادر على الوصول إلى كافة الأراضي في إسرائيل ومع ذلك لم يستهدف المطارات ولم يستهدف المناطق في غلاف غزة بل بقيت حدود العمليات هي مشاغلة القوات الإسرائيلية وعدم التدخل من قريب أو بعيد في الصراع الموجود في غزة. بالمقابل فإن إسرائيل لم تعمد إلى حسم أي من الصراعات كما تزعم وكل ما فعلته هو إلحاق الضرر والكوارث بالمدنيين، ومع أنها تتهم إيران بأنها المحرك لكل تلك الصراعات لكنها تكتفي بعقاب المدنيين الفلسطينيين. إذا كانت إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى لا يرغبان أو لا يستطيعان حسم الصراع لصالح أي من الطرفين، فإن لعبة إدارته أصبحت لعبة ممجوجة وسخيفة وكلما تكررت كلما ازدادت سخفاً وعبثية.
متى تنتهي اللعبة الإيرانية الإسرائيلية؟
مواضيع ذات صلة