: آخر تحديث

ساعتان للحرافيش وعمر بأكمله للرواية

6
7
7

نجيب محفوظ حاضر في الدورة الجديدة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وهو حضور ذاكرة، وحضور تاريخ هما من ثوابت المعرض، ففي دورات سابقة كان العشرات من رموز الأدب العربي شخصيات أساسية في فعاليات وتكريمات هذا الحدث الثقافي الإماراتي بعناوينه العربية والعالمية.

مئات البحوث والدراسات والمؤلفات النقدية والسيرية والتنظيرية وضعت حول نجيب محفوظ، ولعله أكثر كاتب مصري جرى ويجري تداوله في الكتابات الأكاديمية والصحفية المصرية إلى اليوم، ولا يحسب أحد أن سيل الكتابة حول صاحب «الحرافيش» سينتهي ذات يوم في مصر، فمن وقت إلى آخر يعثر كاتب أو باحث مصري على حوار ينشر للمرة الأولى مع صاحب «نوبل» الأدبي الوحيد حتى الآن، أو ينشر كاتب مصري نصاً لمحفوظ للمرة الأولى، أما عجلة النقد الأدبي المصري أو العربي فلا تتوقف إذا كان حقل القراءة النقدية صاحب «أولاد حارتنا».

وللحقيقة هنا، فإن ظاهرة الكتابة عن محفوظ بهذا الزخم وبهذه الاستمرارية ليست مقتصرة عليه وحده في مصر الولادة الأدبية، بل إن هذه النجومية الثقافية والأدبية هي أيضاً عائدة إلى طه حسين، وأنيس منصور، والعقّاد، والحكيم، فهذه أسماء دوّارة، إن جازت العبارة، في فلك الصحافة الثقافية المصرية، فما من نصف عام أو عام على الأكثر إلا ويقرأ العرب مادة جديدة عن هذه القناديل التي لا تنطفئ لا في مصر، ولا وطننا العربي القارئ.

في معرض أبوظبي الدولي للكتاب لا نستعيد نجيب محفوظ بالندوات والحوارات فقط، بل نستعيده أيضاً في دور النشر العربية العديدة التي تعيد طباعة رواياته وقصصه والنقد الذي هو محوره.

نجيب محفوظ مُستعاد أيضاً في السينما المصرية التي قامت على أعماله الروائية، وحاضر في ذاكرة العديد من الشعراء العرب، وخاصة ذوي الهوى الصوفي، غير أن صاحب «اللص والكلاب» هو أيضاً ضمير ثقافي عربي يعلن دائماً عن شفافيته الإنسانية في أعمال فنانين تشكيليين عرب، وفي كينونات رموز مسرحية عربية عديدة، ويتمثل بروحه المصرية الشعبية موسيقيون، ومغنون، وتراثيون عرب وهو بالنسبة إلى هذا الطيف الواسع من النخب الثقافية والفنية العربية ظاهرة أدبية روائية في حدّ ذاته صنعها بالثقافة والالتزام الاستثنائي بالوقت، ولكن قبل وبعد ذلك نجيب محفوظ الإنسان، المتواضع، والحامل للكثير من قيم السماح والنبل.

تستطيع أن تعرف الكثير عن محفوظ الإنسان، والشعبي والصبور، بل والعائلي، من خلال قراءاتك لكتاب «مقهى ريش» للشاعرة والرسامة ميسون القاسمي، ففي ذلك المقهى، وفي أماكن قاهرية أخرى جلس ذلك الموظف ذو السيماء الكلاسيكية الرسمية، ساعتين فقط للحرافيش، وعمراً بأكمله للرواية.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.