في عام 2014 أنتجت هوليوود فيلماً بديعاً بعنوان «العيون الكبيرة»، من بطولة إيمي آدمز وكريستوف فالتز، يروي الفيلم القصة الحقيقية للفنانة التشكيلية مارغريت كين التي عرفت برسمها للوحات كل شخصياتها أطفال بعيون كبيرة وبشكل لافت بل مبالغ فيه خارج المقاييس الطبيعية، كانت مارغريت تجلس في الهواء الطلق لتبيع لوحاتها تلك بدولارات قليلة، وكانت قانعة بذلك طالما أنها تستطيع إعالة نفسها وابنتها الصغيرة بعد أن هربت من زوجها وطالبته بالطلاق.
يشاء حظها السيئ أن تقع في حبائل محتال متخصص في انتحال لوحات الفنانين المغمورين أو الذين يعيشون في ولايات أخرى، فكان يطلي أسماءهم ويوقع اللوحة باسمه ويبيعها باعتباره هو الرسام، حتى التقى بمارغريت، فأوقعها في حبه وحين عرف نقطة ضعفها، تزوجها بعد أن أقنعها بأنه الضمانة الوحيدة لحمايتها ضد محاولات زوجها انتزاع ابنتها منها تحت ذريعة الفقر وعدم وجود مسكن لائق، فتزوجته لتبدأ مأساتها.
يقنعها بأن توقع اللوحات باسمه، وأن تخفي أنها الرسامة الحقيقية، لأن الناس لن تشتري لوحات باسم امرأة في تلك السنوات التي كانت فيها المرأة بلا حضور وبلا صوت، بينما عمل هو على ترويج اللوحات وتسويقها باسمه مستغلاً علاقاته وأصدقاءه الصحفيين، فتوارت مارغريت خلف زوجها والتر كين، وتحول عمل مضنٍ لمدة عشرة أعوام لصالح اسم كين المنتحل الذي حظي بالشهرة والثراء الفاحش.
لكن لا حقيقة تخضع طويلاً لظلام الكذب، ثم إن الانتحال لا يمكنه أن يخلق فناناً حقيقياً ولا أن يخفي فناناً عظيماً، فقد تصادم الزوجان في لحظة حقيقة كاشفة، حين رفضت مارغريت الاستمرار في لعبة الانتحال المقيتة، وانتهى بها الأمر إلى قاعة المحكمة، وهناك كانت لحظة اكتشاف الكذبة الكبرى، وانتصار القضاء العادل للحق رغم تواطؤ المجتمع مع الزيف والكذب!
الإنسان لا يحتاج لأكثر من عيون منصفة ليرى الحقيقة، فهذه العيون نوافذ الإنسان ليرى ويفهم ويتبصر ويعي ويحب، أما الذين يفتحون عيونهم ويغلقون بصائرهم ((فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور))، ولذلك فهؤلاء لا حل لهم سوى أن يتعرضوا لاختبارات قاسية تفتح عيونهم على اتساعها ليروا الحقيقة دون تزييف أو انتحال!