: آخر تحديث

هكذا يدفع نتنياهو ببايدن إلى جبهات جديدة

6
5
8

ليس من السهل على الرئيس الأميركي جو بايدن التعايش مع الضربات الإيرانية- الإسرائيلية المتبادلة واستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة. الوضع الناشئ في الشرق الأوسط يهدّد بأخطار تفوق كثيراً ما يجري منذ 6 أشهر.

ولا يمكن بايدن التعامل مع غزة وإيران على نحو منفصل. الغرق في رمال غزة والصبر على ألاعيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قادا إلى فتح الجبهة الإيرانية- الإسرائيلية. لو كان البيت الأبيض ضغط على الحكومة الإسرائيلية منذ أشهر لوقف الحرب المدمّرة على غزة، لكان انخفض التصعيد في المنطقة من لبنان إلى إيران مروراً بالعراق واليمن.

راوغ نتنياهو ونجح في إطالة أمد حرب غزة وصعّد الموقف مع إيران إلى مستويات غير مسبوقة، أرغمت طهران على تجاوز "الصبر الاستراتيجي" وتوجيه المسيّرات والصواريخ نحو اسرائيل للمرّة الأولى منذ 1979.

أوجد نتنياهو معادلة شاقة أمام بايدن، ولم يُظهر أي تعاون معه، وها هو يدفع به نحو إيران ويُبعده عن غزة التي أظهر البيت الأبيض في الأيام التي سبقت القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان (أبريل) الجاري، بعض الحزم حيال السياسة الإسرائيلية هناك، لا سيما بعد استهداف قافلة المطبخ المركزي العالمي في وسط غزة في 2 نيسان (أبريل)، والتي تسببت بموجة من الغضب العارم إزاء اسرائيل.

المفارقة أنّ المنددين بالهجوم على قافلة الإغاثة، هبّوا للدفاع عن اسرائيل في مواجهة المسيّرات والصواريخ الإيرانية. وفعلوا ذلك مجاناً من دون أن يحصلوا على أي تنازل في غزة، وكأنّ نتنياهو جلب الغرب إلى المكان الذي يريده على الجبهتين.

لا يستطيع بايدن سوى التلميح إلى معارضته التصعيد في الملف الإيراني، بينما لا يفعل شيئاً للحؤول دون هذا التصعيد، الذي يخشى الأميركيون أن يجدوا أنفسهم في نهايته غارقين في رمال حرب أخرى في الشرق الأوسط، وتناسي أوكرانيا في أوروبا والصين في المحيط الهادئ.

أي انفجار واسع في الشرق الأوسط، سيدفع بالولايات المتحدة إلى تركيز مقدراتها العسكرية والاقتصادية في المنطقة التي تحاول منذ إدارة باراك أوباما الانسحاب منها والتوجّه إلى آسيا، حيث تُخاض معركة القرن الحادي والعشرين.

لن يتمكن بايدن ولا أي رئيس أميركي آخر من إدارة الظهر لإسرائيل، علماً أنّ نتنياهو أدار ظهره للولايات المتحدة ولم يراع أياً من مصالحها الاستراتيجية التي كانت تقضي بوقف حرب غزة وفتح مسار سياسي يوصل إلى حل الدولتين، كوسيلة لتثبيت الاستقرار في المنطقة.

أعاد نتنياهو تفجير قضايا الشرق الأوسط كلها دفعة واحدة في وجه بايدن، مستغلاً الإرباك الذي يعانيه بايدن في سنة الانتخابات الرئاسية. وبدل أن تقود الولايات المتحدة الأحداث، إذا بنتنياهو يقود الجميع إلى الانفجار الكبير.

لا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي خفض التصعيد أو فترة من الهدوء، حتى لا يتسنى لخصومه الانقضاض على فشله في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أو لطريقة إدارته حرب غزة وعدم تحقيق أي من الأهداف الرئيسية المعلنة لإسرائيل. والطريقة الوحيدة للإفلات من المحاسبة الآن تتمثل في خلق أزمة جديدة فوق الأزمة الموجودة. أي أنّ الجبهة الإيرانية، تُنسي العالم جبهة غزة، ومن يدري بعد إيران، أي أزمة يمكن أن تُفتح؟.

أخطأ بايدن عندما لم يحسم مع نتنياهو ويعمل من أجل المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، واضعاً ذلك فوق الاعتبارات السياسية والرغبة في عدم إغضاب مؤيدي رئيس الوزراء الإسرائيلي في الحزب الديموقراطي أو مواقع أخرى.

إنّ سياسة الاسترضاء والاحتواء التي مارسها بايدن حيال اسرائيل، ساهمت في إيصال الأمور إلى النقطة التي لا تريدها أميركا، والتي حاولت تفاديها منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد