: آخر تحديث

وصفة للقلب وللروح

7
7
8

بين النثر الذي كلّه شعر والشعر الذي كلّه نثر، وبين التأمّل الذي كلّه سرد، وبين السرد الذي كلّه تأمّل، يتتبّع عادل خزام «أسرار وابتهاجات الرّوح التائهة» في كتابه الذي يشبه بحر المتدارك في عروض الشعر، وذلك كناية عن خفّته، وسرعته، وغنائيته، أما كتابه هذا فهو «الكتاب السرّي للعشّاق»، وحين تقرؤه يكفّ عن كونه سرّياً، ويصبح كتاباً علنياً مقروءاً في الصباح في البيت وفي الشرفة وفي المقهى وفي الطريق.

ولعلّ أجمل قراءات هذا الكتاب الذي كلّه بين السرّ والعلن، تلك التي هي قراءة الطريق؛ في الطريق إلى البيت، في الطريق إلى البحر، في الطريق إلى الجبال، قرأت الكتاب السرّي للعشاق، الكتاب الذي كلّه سرّ، وكله عَلَنْ، وبقدر ما فيه من ظاهر الحب، فيه أكثر من باطن القلب؛ حجرة الحب، نثر مركّز ليس بإمكانك إضافة أي بلاغة أو أي أبجدية إليه، نثر مكتفٍ بذاته، يحقق إشباعاً للرّوح، وفيه ما يفرح قلب الإنسان، قلب الرجل وقلب المرأة، فيه ما يحوّل قلب الغضبان إلى شيء من عسل الحياة، والمتشائم حين يقرأ يعيد النظر في وجه كآباته وسوداويته الثقيلة، والمأزوم تنفرج أسارير وجهه، ويرى الدنيا بنظارة ملوّنة.

في «الكتاب السرّي للعشاق» مساعدة فورية للرّوح لكي تبقى بالقرب من النور، وفي الكتاب دعوة مفتوحة للفرح والسماحة واللين والرفق والصداقة. أشياء لا تباع ولا تشترى، وإذا وجدتها، على سبيل الخيال، عند العطّارين فلا تكلّف شيئاً. ما الذي تخسره إذا امتلأ قلبك بالطرب الأخضر الذي تبعثه فيك روح الكلمة؟ ما الذي يضرّك إذا كان الشعر صديقك مرة في الطريق؛ طريقك إلى كل ما يبعث في قلبك شمس الله؟

«الكتاب السرّي للعشاق» ليس تجربة صوفية أو وجودية أو فكرية فلسفية. هو أبعد ما يكون عن هذه الكلمات الكبيرة. الكتاب هو عادل. بالضبط وبكل بساطة عادل خزام. نثر عادل وشعر عادل في توازن تأمّلي انسيابي تماماً، ذلك أن الكثير من الماء ستجده في هذه الابتهاجات؛ الحب، المحبة، الجمال، الرفقة، النعومة، الغنائية، البساطة، العافية، الألق، الهواء، النور؛ هي الكلمات التي يصفّها عادل على الطريق أو في الطريق. ذلك هو قاموس كتاب العشاق هذا، وهو يقول: «الحب عافية للمطمئنّين في خَدَرِ الرتابة، لكنه عندي جموح أجنحة، وهيجان صوت وتأوّهات بركان. كلما أخمدوه بسعف الصبر، عاد لينفتح هديره في ثورة ضد كل ضدّ».

يُقرأ الكتاب السرّي على رؤوس الأشهاد كما يقولون، وفي كل اللغات، لكن اللغة الوحيدة غير القابلة للترجمة في مثل هذا الشعر وهذا النثر هي: لغة القلب.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد