: آخر تحديث

يوم بلا أعداء يوم جميل

31
31
29

- ربما هذا العنوان يصلح بديلاً لعيد الحب أو «فالنتاين داي»، فهو مسخر للحب والتواد والمسامحة التي يتبعها تسامح من أجل التعايش، «فالنتاين» تطور معناه مع الأيام من وردة حمراء تقدم لحبيبة القلب إلى مفهوم أعم وأكبر من أجل زرع الحب في كل مكان، وفي كل الناس، والاعتداد بيومه الذي يحتفل فيه العالم بإرادة الحب على إدارة الحرب.

- لأنه يوم الحب، تتقاطر على القلب مرافئ، ومدن، وحكايات لصيقة بزرقة الليل، وذاك الضوء الشفيف، ثلوج بيضاء تحرس الأبواب الخشبية، ومطر على النوافذ، ومواقد تنشد نشيد النار والحطب، وأغانٍ تأتي بها الريح، وبقايا أشياء مؤطرة ومعطرة، ذهبت أيام العمر برقصها إلى الأمام، وذهبت كل تلك الأشياء، وبقي الحب الذي يسقي القلب المخضرّ دوماً.. وأبداً، قادر صوت «ساكسفون» حزين وحده في عتمة الأشياء أن يوقظه فجأة أو صوت بكاء كمان مثل طفل يتيم أن يهز أركانه، ويجعله مبتلاً بدمع ونُبل الرجولة الصادقة.

- لأنه يوم الحب، يوم من تسامح؛ لذا لا نتذكر كثيراً فيه من قدم لنا إساءة، وهو لم ينس، ونسينا، ولا من قدمنا له معروفاً فنسي، ونحن من قبله قد نسينا، غير متذكرين إلا الحب، وما يمكن أن يصنعه في النفوس من رضا وطمأنينة وسكينة تفرح الروح، وتجعلها تسبح في بحور من النور.

- لا تضحك الورود دوماً وأبداً مثل مباغتة المطر لها حزة الفجر، الورود هي أطفال أي حديقة منزلية، ليتكم تراقبون صباحها المبكر وهي تزاعي الندى وقطرات البلل، وهي تشع البهجة حولها، داعية العصافير للغناء احتفاء بالخَضَار ورقص الأغصان، وأن للصباح عطراً من فرح امرأة لا تنسى.

- في عيد الحب، كل الورود ننثرها تحت أقدام من نهوى، وعلى رؤوس من نجلّ، وليتها تكفي، ورود فيها من الاعتذار الكثير، ومن الشوق الكثير، ومن الدمع غزير، علنا نقدر أن نبرّ بالأقل، وأن نشكر بخجل؛ لأن كل هذا الحب نراه منقوصاً، ولا يفي تعب من نهوى ومن نعشق ونجلّ.

- الورود تحتاج يد امرأة دائماً، وحدها التي تليق بها، يد حانية حين يصبح القلب خاوياً، ويد تعضد أكتافك حين يخذلها العمر، ويد هي مسندك وعكازتك حين تختل خطوات القدم، الورود بألوانها من هي التي تستحقها بعد الأم؟ أي امرأة يمكنها أن تهزك مثل هزة المهد صغيراً، ومثل هزة وداع الأم الأخير، تاركة كل الأشياء تتداعى في تجاويف صدرك، وفي راسك الذي كانت تحلف به.. يا الغالي!

- هذا اليوم الاستثنائي بالخير والحق والجمال.. من طرزه، وصاغ قصائده هو الجمال، ومن مهد له كل الدروب، وسكب عليه عطراً من أثير، هو الحق، ومن جعله معشباً مخضراً بالأماني والوعود والبشارات هو الخير، داعياً كل الأعداء لأن يغتسلوا فيه، لأنه الطُهر، وهو المطهر، ولأنه يوم جميل، لأنه بلا أعداء!
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.