عشرون عاماً مرّت منذ أن ظهرت المنصة الشهيرة «فيسبوك». من بدايةٍ يصحّ القول إنها كانت متواضعة، أطلقها مارك زوكربيرغ معيّة بعض أصدقائه من سكنهم الطلابي قبل 20 عاماً، تحوّل «فيسبوك» إلى إمبراطورية في العالم الافتراضي، وضعت تحت جناحيها تطبيقين مهمين آخرين هما «إنستجرام» و«واتس أب»، وليس مستبعداً أن تضمّ منصات إضافية في المستقبل أيضاً، مستندة إلى قدراتها المالية المتنامية الآتية من حجم الإعلانات الكبير الذي تنشره، والأعداد الكبيرة من المستخدمين.
في أقل من عام بلغ عدد مستخدمي فيسبوك مليوناً، وبحلول عام 2012، تجاوز العدد مليار مستخدم شهرياً، وباستثناء فترة قصيرة في نهاية عام 2021 عندما انخفض عدد المستخدمين النشطين يومياً لأول مرة إلى 1.92 مليار، استمرت المنصة في النمو، وفي نهاية العام المنقضي (2023) أفاد فيسبوك بأن لديه أكثر من ملياري مستخدم يومياً، دون أن ينفي ذلك أن شعبية المنصة تناقصت لدى الجيل الشاب، الذي ربما وجد ضالته في منصات أخرى، بينها إنستغرام وتيك توك،، اللتين تبدوان أكثر جاذبية لقطاعات من الشباب. وبشكل عام يمكن ملاحظة تفاوتات بين بلد وآخر ومنطقة جغرافية وأخرى، ففي حين لا يزال «فيسبوك» يحتل موقع الصدارة في بعضها، فإن منصات أخرى باتت تنافسه على هذا الموقع في أماكن أخرى، كما نجد تفاوتات في تعامل الفئات العمرية مع هذه المنصات، فمن هم أكبر سناً ربما لا يزالون يفضلون «فيسبوك» على سواه قياساً بذوي الأعمار الشابة.
فضائل «فيسبوك» على المستخدمين ليست قليلة. كم من الأصدقاء الرائعين الذين عرّفنا بهم رغم تباعد المسافات، ورغم أننا لم نلتق بهم من قبل وقد لا نلتقيهم يوماً، فضلاً عن المساحة التي أتاحها لنا للتواصل وتبادل الرأي في قضايا مختلفة والتعبير عنها، لكن سيرة المنصات المدرجة تحت مظلة «ميتا» ليست وردية في المطلق. ثمة حديث يتكرر عن سياسات لها تضرّ بالمستخدمين، وإليها وجهت انتقادات لعدم اكتراثها بالصحة النفسية، وتمّ تغريم «ميتا» عدة مرات بسبب سوء التعامل مع البيانات الشخصية، ناهيك عن القيود التي تفرضها على حرية التعبير بشكل انتقائي، وظهر ذلك واضحاً في التعامل مع المنشورات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزّة، حيث حُجب الكثير منها أو قيّدت دائرة انتشارها إلى أضيق الحدود.
كما أُخذ على «فيسبوك» وتطبيقاته تغليب الربح المادي على سلامة المستخدمين، فغدت «ميتا»، الشركة الأم، بمثابة شركة إعلان عملاقة تحصل، جنباً إلى جنب مع غوغل، على نصيب الأسد من أموال الإعلانات العالمية. في الربع الثالث من عام 2023 وحده أعلنت الشركة عن أرباح بلغت 11.5 مليار دولار.