: آخر تحديث

مهمة هوكشتاين التفاوض ريثما تنتهي الحرب

13
11
12

المعضلات التي تواجه مهمة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لأمن الطاقة، لا تمنع بعض الأوساط الدبلوماسية وبعض الجهات السياسية من إضفاء نوع من الإيجابية على زيارته. فهذه الأوساط والجهات تعتقد بإمكان إطلاقه التفاوض حول تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701 كوصفة فضلى من أجل ضمان عدم توسّع الحرب الذي لا يريده العديد من الدول والفرقاء المعنيين.

في اعتقاد الأوساط نفسها أنّ الدبلوماسية اللبنانية دخلت مرحلة نشيطة من أجل التوصّل إلى تفاهم حول الوضع في جنوب لبنان وهذا جيد جداً، خصوصاً أنه «بات هناك تفكير استراتيجي» في شأن هذه القضية.

مع الاعتراف بأنّ مهمة هوكشتاين ستأخذ وقتاً، يستند التقييم الإيجابي إلى المواقف المعلنة، حتى تلك التي تضع شروطاً صعبة على التفاوض، لدى كل من الأطراف المعنية، أي إسرائيل والدولة اللبنانية و»حزب الله» والولايات المتحدة الأميركية... مواقف تعبّر بطريقة مختلفة بنظر تلك الأوساط الدبلوماسية. ويجب قراءة مواقف معلنة في شأن تنفيذ القرار 1701، وبعض الخطابات بدقّة لمعرفة ما هو المقصود. ومن الرسائل المهمة التي أطلقها الفرقاء أنهم موافقون على التفاوض. صحيح أنّ الأمين العام لـ»الحزب» أكد أنّ التفاوض سيتمّ بعد وقف الحرب في غزة، لكن هذا لا يمنع بناء أجواء تفاوضية. وحديث نصرالله عن «الفرصة التاريخية» كي يستردّ لبنان أراضيَ، قد لا يعني موافقة كاملة على البدء بالحلول والمخارج، لكن يمكن اعتبار رسالته نوعاً من الترحيب بالتفاوض.

في المرحلة المقبلة ينتظر أن يؤدّي كل فريق دوره في تبادل الأفكار، ويفترض أن تبنى هيكلية المفاوضات على شاكلة تلك التي جرت من خلالها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي استمرّت أشهراً. أي أن هناك أشخاصاً سيؤدون دوراً في الظل وآخرين سيكون لهم نشاط مكشوف وعلني من أجل تسهيل إيجاد الحلول. ولربّما هذه الطريقة هي التي ساهمت في شكل حاسم في إنجاح مفاوضات الترسيم للحدود البحرية.

مع أن هذه الصيغة للتفاوض تحت سقف استمرار الحرب في غزة، ومع أنّ «حزب الله» اشترط أن تتوقّف هذه الحرب قبل التفاوض وبما أنّ انتظار انتهاء هذه الحرب سيأخذ وقتاً، فإنّ البناء على الانطباعات الإيجابية لا يغفل بأنه ليس هناك الكثير من الوقت المتاح من أجل إيصال المفاوضات لصيغ تنفيذ القرار الدولي. وقد يتمّ مثلاً استغلال الوقت الذي تتيحه هدنة إنسانية يحكى عنها في إسرائيل من أجل تحقيق تبادل للرهائن والسجناء.

من العوامل التي تشجّع بعض الأوساط على دفع المفاوضات إلى الأمام، أن إسرائيل تهتمّ بعودة نازحي المنطقة الشمالية من الأراضي المحتلة إلى مستوطناتهم مقابل ضمانات بعدم تعرّضهم للهجمات، ويفترض بالتالي بـ»حزب الله» أن يقيم وزناً لعودة الجنوبيين المهجّرين من بيوتهم وقراهم بسبب الاشتباكات. فهؤلاء يعانون كثيراً بفعل التهجير، في وقت هناك عمليات دقيقة يقوم بها الجانب الإسرائيلي في استهداف قياديين في «الحزب» لا بدّ من أن تؤثر سلباً إذا طالت الحرب.

المتابعون للتحضيرات من أجل بدء مسار التفاوض يشيرون إلى الآتي:
- أنّ تزخيم نتائج التفاوض يحتاج إلى وجود رئيس للجمهورية. وهذا أمر تحدّث عنه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ما قد يكون محفّزاً على اتخاذ قرار لبناني داخلي بانتخاب رئيس، لأنّ هذا يساعد على معالجة المشاكل الحدودية مع إسرائيل.

- أنّ الأمور يجب أن تسير بالتوازي على طريقة خطوة خطوة، بحيث نشهد استعداداً من هذه الجهة لإجراء معين تقابله الجهة الأخرى بإجراء مقابل. وفي هذا السياق، تفيد المعطيات الميدانية عند بعض الجهات أنّ «حزب الله» قام بخطوة ما حين سحب بعضاً من قواته بعيداً من الحدود 5 كيلومترات، وفي بعض المناطق قرابة 7 كيلومترات. ويوحي هذا بأن على إسرائيل أن تقابل ذلك بإجراء من قبلها.

- أنّ على الفرقاء اللبنانيين ألا ينتظروا سلة حلول إقليمية وبالتالي واجبهم تحقيق إنجازات في الداخل منها انتخاب رئيس للجمهورية، فيستفيد البلد أكثر، لأنه سيخاطب الخارج بموقف موحّد عندها، فيساعد ذلك على تغيير الموقف الإسرائيلي.

يمكن تلخيص المنهجية التي سيعتمد عليه هوكشتاين في طرح أفكاره حول النقاط المتنازع عليها براً، بدءاً بالـB1 ، مروراً بالنقاط الستّ المتبقية من النقاط الـ13 التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها... وقد يطرح فكرة تبادل الأراضي في هذا السياق... على أنها مواكبة للقتال في غزة ريثما تضع الحرب أوزارها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد