: آخر تحديث

ماذا تعني العودة إلى ما قبل أوسلو؟

5
6
7
مواضيع ذات صلة

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم تكرار ما سماه "الخطأ الفادح" في أوسلو، في إشارة منه إلى الاتفاقات التي أبرمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي سابقاً إسحق رابين عام 1993 برعاية الرئيس الأميركي عامذاك بيل كلينتون. وكانت الاتفاقات ثمرة مفاوضات سرية بين مبعوثين فلسطينيين وإسرائيليين في العاصمة النروجية.      

قبل أوسلو، لم تكن إسرائيل تعترف بالشعب الفلسطيني. حتى أنه عند انعقاد مؤتمر مدريد للسلام أواخر 1991، لم يقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي عامذاك إسحق شامير تمثيل الفلسطينيين بوفد مستقل، بل من ضمن وفد أردني - فلسطيني مشترك.
 
في أوسلو، اعترفت إسرائيل بالشعب الفلسطيني وبإقامة السلطة الفلسطينية تمهيداً لمفاوضات كان من المقرر أن تجري بين السلطة وإسرائيل على الوضع النهائي بين الجانبين، كمثل حدود الدولة الفلسطينية والقدس والاستيطان واللاجئين الفلسطينيين. هكذا كان الافتراض.   
 
بيد أن كل رؤساء الحكومات الإسرائيليين عمدوا إلى المماطلة في المفاوضات، بينما استمروا في توسيع الاستيطان، ولم ينفذوا الاتفاقات السابقة مع السلطة الفلسطينية، وبقيت إسرائيل مثلاً مسؤولة أمنياً وإدارياً عن 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وهي المنطقة التي صنفتها اتفاقات أوسلو بالمنطقة (ج) بينما لا تتعدى المنطقة (أ) التي تديرها السلطة الفلسطينية نسبة 18 في المئة. وحتى هذه المنطقة التي يفترض أن تكون الشرطة الفلسطينية هي المسؤولة عنها، تنفذ فيها إسرائيل عمليات دهم واعتقالات واغتيالات في حق ناشطين فلسطينيين. أما القدس الشرقية، فأغرقتها إسرائيل بالأحياء الاستيطانية، وتعمل دورياً على تهجير السكان الفلسطينيين، بهدم منازلهم بحجة البناء غير المرخص أو الخلاف على الملكية وعقود الإيجار في منازل أخرى ومن ثم مصادرتها لمصلحة المستوطنين.   
 
وفي عام 2014، أوقف نتنياهو عملية التفاوض مع السلطة الفلسطينية، بسبب رفض السلطة الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.   
 
ليس هذا فحسب، بل إن نتنياهو عمل على تقويض السلطة الفلسطينية عند كل مناسبة، وذلك كي يقول إنه ما من شريك فلسطيني للتفاوض معه. وبين ضغوط نتنياهو وعوامل تحلل ذاتية من الفساد وسوء الإدارة، باتت السلطة الفلسطينية جسماً بيروقراطياً مترهلاً، لا يحوز ثقة الفلسطينيين.    
 
الآن، عاد نتنياهو بالحرب التي شنها على غزة بالوضع الفلسطيني إلى ما قبل أوسلو، أي إلى مرحلة كانت تنكر فيها إسرائيل حق الفلسطينيين بتقرير المصير. وهذه مرحلة خطيرة جداً لأنها تعني أن إسرائيل أسقطت أي حقوق سياسية للشعب الفلسطيني مع ما يعنيه ذلك من تبييت خطط لتهجير سكان غزة إلى مصر، وسكان الضفة إلى الأردن. خطوات مثل هذه تعني العودة إلى خطة "الوطن البديل".   
 
لم يكن أوسلو ذاك الاتفاق المثالي الذي يؤمن حقوق الفلسطينيين بوضوح ومن دون لبس. كان اتفاقاً أعطى إسرائيل كل شيء ولم ينتزع منها اعترافاً واضحاً بحق الفلسطينيين، ولعبت إسرائيل على الغموض الذي اكتنف الاتفاق. وها هو نتنياهو يتعهد حتى التنصل منه نهائياً، ليدخل الشرق الأوسط كله في مهب حروب وصراعات لا نهاية لها.   
 
وما دامت أميركا غير مستعدة للتدخل من أجل الضغط على إسرائيل كي تعود إلى المفاوضات لوضع حل الدولتين موضع التنفيذ، فإن عدم الاستقرار في المنطقة يهدد بتوريط أميركا في نزاعات شرق أوسطية جديدة. ما يحدث في باب المندب اليوم قد يكون عينة مما يمكن أن يجري في مناطق أخرى، مثل العراق وسوريا ولبنان.
 
لا يمكن الشرق الأوسط أن يستقر من دون إيجاد حل دائم وعادل للمسألة الفلسطينية. وهنا مسؤولية الولايات المتحدة في التدخل قبل فوات الأوان وامتداد النيران إلى خارج فلسطين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.