: آخر تحديث

تمويل الإرهاب

13
10
15
مواضيع ذات صلة

لا تتورع الجماعات الإرهابية التي تتخذ الدينَ غطاءً لأفعالها عن ارتكاب أبشع الجرائم والموبقات لدعم تنظيماتها بالمال والسلاح وفق أي وسيلة متاحة. ولهذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة وسائلُ تمويل تستند إلى ثلاث ركائز أساسية هي المخدرات والسلاح وتجارة البشر.. فالعلاقة المتشابكة بين الجريمة المنظمة والإرهاب علاقة قديمة ومعقدة وبراغماتية صرفة.

وقد أظهرت الدراسات البحثية في هذا المجال تورطَ الجماعات الإرهابية في الأنشطة التجارية غير المشروعة والمحظورة دولياً، بهدف تمويل عملياتها التي أسهمت بدورها في تأجيج الصراعات وزعزعة الأمن خصوصاً في منطقة الساحل الأفريقي التي اعترف مجلس الأمن الدولي بأن الجريمة المنظمة فيها تشكل تهديداً حقيقياً للسلم والأمن العالميين، لارتباطهما الوثيق بالأعمال الإرهابية.

وعلى ضوء هذه المعطيات، فقد أعطى مجلس الأمن الضوءَ الأخضر للقوات الدولية والإقليمية والقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس لمكافحة الإرهاب وفرض عقوبات صارمة، في محاولة للتصدي لظواهر الاتجار بالبشر والمخدرات منذ عام 2018.ولو عدنا قليلاً إلى الوراء لتذكرنا ما عُرف في حينه بحادث «الكوكايين» الجوي الذي وقع في نوفمبر عام 2009 بمنطقة «غاو» المالية عندما تحطمت طائرة بوينغ 727 كانت تحمل -وفق ما أشارت إليه التقارير- نحو 7 إلى 11 طناً من الكوكايين.

وهو الحادث الذي لفت الأنظار إلى أنشطة الاتجار بالمخدرات لصالح الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي مثل «القاعدة» و«بوكو حرام» وغيرهما. وقد أفضت التحقيقات وأعمال الرصد إلى كشف الستار عن استخدام الطرق البرية الصحراوية الوعرة لتهريب كميات كبيرة من الكوكايين.

وتبعت ذلك الحادث تداعيات خطيرة أبرزها وقوع جرائم قتل انتقامية لها علاقة بصراع جماعات الإرهاب والمخدرات والتهريب. وهذا مثال واحد يتعلق بالمخدرات، فضلاً عن تجارة القنب والأفيون التي تنشط منذ عقود طويلة في أفغانستان وكانت مصدر التمويل الرئيسي لتنظيم «القاعدة».

أما تجارة البشر فلا تقل بشاعة، وقد كانت تجارة رائجة تورطت فيها تنظيمات إرهابية مثل «داعش» و«بوكو حرام»، مثلها مثل الاتجار بالجنس، حيث يجري استخدام النساء المختطفات لإغراء وتجنيد المقاتلين الذكور وتحقيق أرباح مالية كبيرة أيضاً. وقد شكل الاختطاف مصدر تمويل آخر للتنظيمات الإرهابية، ففي عام 2014 وحده تراوحت مبالغ الفدية التي حصل عليها تنظيم «داعش» بين 35 مليوناً و45 مليون دولار. وكذلك تنظيم «القاعدة» الذي تمحور نشاطه حول خطف الرهائن لطلب الفدية وفرض الجزية على القوافل التي تمر عبر مناطق سيطرته في الصحاري الأفريقية الخالية من الأمن ووجود السلطة المركزية. وكل هذا يعني أن الجماعات الإرهابية تستخدم الاتجار بالبشر لإطالة أمد وجودها وتعزيز قوتها.

وانطلاقاً من الكهوف والمناطق المعزولة البعيدة عن أعين السلطات المركزية والمنظمات الدولية، تمارس الجماعات الإرهابية شتى أنواع الجرائم المنظمة لتمويل قدراتها العسكرية واللوجستية، كما أنه لها يد في تجارة تعدين الذهب في مناطق ال؜ساحل الأفريقي، إضافة إلى سرقة المواشي وفرض الضرائب وغير ذلك من الوسائل الإجرامية التي تقوم بمنحها تسميات دينية كالغنائم والفيء والسبي والاستحلال والجزية!
*كاتبة سعودية
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد