: آخر تحديث

ثوابت مبدئية أصيلة في الثقافة الإماراتية

16
16
18
مواضيع ذات صلة

ترتبط الحياة الثقافية في الإمارات بالتعليم منذ البدايات التي كانت تقوم على «المطاوعة»، وبالمناسبة يذكر العديد من الباحثين في الثقافة الشعبية والتراث الشعبي أن تعليم المطاوعة لم يكن مقتصراً على الرجال؛ بل كانت النساء أيضاً يقمن بتعليم القرآن الكريم والأدب واللغة العربية، ومنهن شاعرات قديمات مُجيدات في الشعر الشعبي والفصيح.

ارتبطت الثقافة أكثر بالتعليم في الإمارات حين ظهرت بعض المدارس النظامية في الستينات والخمسينات من القرن الماضي، وكان للتجّار ورجال المال والأعمال دور نبيل في رعاية الثقافة والتعليم معاً، لا بل كان بعض التجار هم أنفسهم شعراء، ولهم علاقات صداقة وثقافة مع أدباء العراق والشام ومصر، وسوف تتعزّز هذه الصداقات الشخصية والشعرية بشكل خاص بعد قيام دولة الاتحاد، وسوف يقيم في الإمارات أدباء ومؤرّخون ومعلمّون عرب وجدوا في البلاد ما يلتقي مع أرواحهم وميولهم الثقافية والنفسية والأدبية.

هذه حيثيات معروفة لكل من يتابع التاريخ الثقافي والتعليمي في الإمارات، غير أنني أردت التأكيد من خلال هذه العتبة على تلازم الثقافة والتعليم في الإمارات، وسوف يتبلور هذا التلازم على نحو موضوعي وعضوي في ثمانينات القرن العشرين.. المرحلة التي ظهرت فيها مؤسسات الثقافة في البلاد بصورتها المهنية وكوادرها المتخصصة.

في الوقت نفسه، أي في الثمانينات كانت المؤسسة التعليمية في الإمارات في ذروة عطائها، وسوف يتّوج هذا العطاء الوطني الحضاري بمؤسسات التعليم الجامعي والعالي، وفي كل هذه التحوّلات المنفتحة على العالم والفكر والإبداع ستكون الثقافة هي الرابح الأول في هذه المسيرة الفكرية والمعرفية في البلاد.

اليوم الثقافة في الإمارات قطاع قائم بذاته تأسّس على قيم وهوية محلية (إماراتية) ذات ارتباط فكري عربي، وتوجّه إنساني عالمي.

أشير إلى كل هذه التفاصيل المقروءة جيداً من جانب المثقفين والإعلاميين، وهي أيضاً تفاصيل معروفة لديهم بكل خلفياتها وآفاقها، لأؤكد الجزئية الأخيرة في هذه القراءة، وهي عالمية الثقافة الإماراتية، وجوهرها الإنساني أولاً وأخيراً، وروحها الكونية التي تكثّف الوجود البشري في ثقافة الخير والتعايش والمحبة الصافية.

القيم النبيلة العظيمة التي تحملها الثقافة في الإمارات هي أيضاً أخلاقيات رجال الدولة المؤسسّين ذوي الفكر المستقبلي والعقلية المنفتحة على العالم والحياة، وسوف تظل هذه الأخلاقيات ثوابت مبدئية أصيلة في كل ظاهرة ثقافية إماراتية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد