: آخر تحديث
صُبَابَةُ القَولِ

الشَّريكُ الأَدَبِيّ

12
11
12
مواضيع ذات صلة

واصل وزارة الثقافة تألقها وصعودها نحو مزيد من الإبداع والتميز؛ إذ ما زالت تسير في طريقها نحو صناعة ثقافة جديدة، تطمح لغايات بعيدة، وأعتقد أن الجميع يشاهد هذا التغير الهائل، والتطور المدهش الذي تحققه الوزارة، وهو ما ينعكس بأثره على جودة الحياة؛ فالثقافة جزء مهم في خريطة التقدم والتمدن، ولعل ما تقدمه الوزارة اليوم من مبادرات أدبية -بوصف الأدب أصلاً من أصول الثقافة- هو دليل على هذا الدعم المتواصل، والتطور المستمر، والتجدد في الإنتاج الثقافي.

إن من ينظر -مثلاً- في جهود (هيئة الأدب والنشر والترجمة)، يجد عملاً متميزاً في بناء المبادرات الأدبية التي تستثمر في قطاع الثقافة؛ لتجعل منه قطاعاً حيويّاً ذا أثر فاعل؛ ولهذا فإننا نلمس الأثر الواضح الذي تقدمه الهيئة في تحفيز المهتمين، وتشجيعهم، ودعمهم ماديّاً ومعنويّاً، وذلك عن طريق إقامة الدورات التجريبية، وعقد البرامج التدريبية المهنية، واعتماد المشروعات التعليمية ذات البعد الثقافي، إضافة إلى تنظيم المؤتمرات، والندوات، والمحاضرات، والتأسيس للمعارض والفعاليات، وطرح الاتفاقيات والشراكات التي تساعد على إنتاج المحتوى الأدبي، وتطويره فيما يخدم الثقافة.

وتأتي مبادرة (الشريك الأدبي) بوصفها شكلاً من أشكال التجدد، حيث تسعى هذه المبادة الرائعة إلى عقد شراكات أدبية مع المقاهي ذات الطابع الثقافي، تلك التي تعمل على تعزيز الأجواء الإبداعية، ورفع مستوى الوعي بالأعمال الأدبية؛ لتكون متاحة للجميع، ومألوفة لدى المجتمع، وفي ذلك ما يرفع من مستوى الاهتمام بالثقافة وأهلها، وذلك بالوصول إلى المتلقي العادي، فضلاً عن المتلقي المخصوص (المثقف)، وهو ما يسهم في رفع درجات الوعي بالثقافة، ولا سيما في هذا الوقت الذي أصبحت فيه المقاهي نمطاً من أنماط الحياة لدى كثير من الناس.

إن الجميل في مبادرة (الشريك الأدبي) -إضافة إلى مكاسبها الاقتصادية والثقافية للمستثمر والمثقف- أنها قد تؤسس لصالونات ثقافية أدبية، وبخاصة إذا تذكرنا أن كثيراً من الصالونات الأدبية إنما بدأت في إيطاليا وفرنسا في حدود القرن السابع عشر الميلادي وما بعده، مستفيدة من بعض المقاهي الموجودة في الشوارع، أو الفنادق، ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن أقدم صالون عرفته الوثائق التاريخية إنما وُلد من فندق قريب من قصر اللوفر في باريس، وكانت مضيفته تدير جلساته، فكانت من أوائل الذين أسّسوا للصالونات الثقافية انطلاقاً من تلك الشراكة، ثم تطور الأمر فيما بعد إلى أن أسهمت تلك الشراكة في ظهور بعض الأدباء، كما هو الحال مثلاً مع الأديب الفرنسي (فولتيير)، ومقهى (لو بروكوب) الباريسي الذي افتتح عام (1689م)، وكذا الحال فيما يتعلق بالمقاهي الأدبية الأخرى في باريس؛ إذ كانت ميداناً لكثيراً من الإنتاج الأدبي، والفني، والثقافي، ويمكن الإفادة في هذا الصدد من كتاب (المقاهي الأدبية في باريس)، للأديبة والناقدة السورية هدى الزين، الصادر عام 2014م عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة.

ويحمد لوزارة الثقافة في هذه المبادرة المتميزة وضع هذا الشعار: (جعل الثقافة أسلوب حياة)، كما يحمد لها أيضاً تعزيز قيمة الأدب في حياة الفرد والمجتمع، ودعم انتشار الكتاب السعودي محلياً وعالمياً، والتعاون مع المؤسسات الخاصة للنهوض بالقطاع الثقافي، والارتقاء به، وإلهام أربابه وأصحابه، وأتوقع أن القادم سيكون أجمل إن شاء الله، ولا سيما إذا أبدعت هذه المبادرات في تحقيق مزيد من التجدد والتنوع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد