: آخر تحديث

مغادرة المنصب في الوقت المناسب

17
13
16
مواضيع ذات صلة

من يسمع الخطاب الذي أعلنت فيه رئيسة وزراء نيوزيلاندا جاسيندا أردرن نيتها عدم ترشيح نفسها لولاية جديدة، سيفاجأ لو علم أن عمرها لا يتعدى الثانية والأربعين، أي أنها في المرحلة العمرية التي يكون فيها نشاط المرء في ذروته، ولكن المرأة التي أصبحت رئيسة للحكومة وهي في السابعة والثلاثين من عمرها، حيث اعتبرت، يومها، أصغر رئيسة وزراء في العالم، رأت أنه تحين لحظة في الحياة يشعر معها المرء أنه بحاجة لأن يرتاح، رغم أنها قالت هذا بالكثير من التأثر حتى أوشكت الدموع أن تهطل من عينيها أمام الكاميرات.

واجهت المرأة الشابة، المنتمية لحزب العمال، تحديّات كبرى خلال فترة توليها رئاسة الحكومة، من أبرزها مجزرة كرايستشيرش عام 2019 التي أسفرت عن مقتل 51 مسلماً في مسجد على يد أسترالي ينتمي الى جماعة عنصرية، ويشهد لها بالموقف النبيل الذي اتخذته يومها، في الوقوف مع أهالي الضحايا ومواساتهم، وتشديد الإجراءات ضد الميول العنصرية، خاصة منها تلك المندرجة في خانة «الإسلاموفوبيا». يشهد لها أيضاً بإدارتها الحازمة لتداعيات جائحة «كورونا»، خاصة في مراحلها الأولى، بفرض الإغلاق التام، الذي جعل من نيوزيلاندا البلد الأقل في عدد الوفيات في العالم، وربما كان لهذا أثره المباشر في النجاح الساحق الذي حققه حزبها في انتخابات عام 2020، ما سهل أمامها إطلاق مجموعة من الإصلاحات تشمل المياه، والنظام الصحي، وإدارة الموارد، والتخطيط، والإعلام، وتغير المناخ. وعلى مستوى السياسة الخارجية سعت لعلاقات أكثر توازناً مع الصين، ما أثار حفيظة الدول المجاورة، خاصة أستراليا الأقرب إلى الموقف الأمريكي – الأطلسي.
لم ترق سياساتها للقوى والاتجاهات اليمينية، وتصاعدت أوجه التحريض ضد هذه السياسات، ودلت استطلاعات الرأي على انخفاض في شعبيتها، وتحت هذه الضغوط وجدت أردرن أنه من الأنسب لها الانسحاب، مؤكدةً أنها لا تملك «ما يكفي من الطاقة» لمواصلة الحكم بعد نحو ستة أعوام في السلطة. وأوضحت في كلمتها أنها قدمت أقصى ما تستطيع، لكنها في النهاية بشر، ويتعين عليها أن ترتاح.

هناك من رأى أن انسحابها محسوب، لتفادي هزيمة محتملة في الانتخابات المقبلة، ولكن الإعلان عنه كان مفاجئاً لمناصريها ولخصومها على حدٍ سواء، وتفاوتت ردود الفعل، لكن أبلغ ما قيل تعليق لأحد مناصريها مفاده: «قرارها مؤسف، لكن لا يوجد شخص لا يمكن تعويضه».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.