: آخر تحديث

مصير اتفاقيات المناخ الدولية

72
79
72
مواضيع ذات صلة

   عبدالحق عزوزي

?عقدت ?قمم ?ومنتديات ?واجتماعات ?متتالية ?في ?السنين ?الأخيرة ?بحضور ?وازن ?لكل ?دول ?العالم ?وللأمم ?المتحدة ?والمنظمات ?الدولية، ?لأخذ ?قرارات ?تاريخية ?وتفعيلها ?في ?موضوع ?يتعلق ?بمستقبل ?البشرية ?جمعاء، ?وهو ?موضوع ?المناخ، ?حيث ?إنه ?باسم ?المصير ?المشترك، ?وباسم ?المسؤولية ?التاريخية ?والإنسانية، ?اتفقت ?كل ?النوايا ?الحسنة ?في ?حينها ?على ?ترجمة ?التشبث ?بقيم ?العدل ?والتضامن ?ونكران ?الذات ?من ?خلال ?الآتي:
-أولاً: تمكين بلدان الجنوب، وخاصة الدول الأقل نمواً والدول الجزرية، من دعم مالي وتقني عاجل، يقوي قدراتها، ويمكنها من التكيف مع التغيرات المناخية. 
-ثانياً: وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها، وتعبئة المائة مليار دولار، على الأقل، بحلول سنة 2020، والتي كانت مفتاح اتفاق باريس. 


-ثالثاً: انخراط الأطراف كافة، في تسهيل نقل التكنولوجيا، والعمل على تطوير البحث والابتكار في مجال المناخ. 
-رابعاً: مساهمة الفاعلين غير الحكوميين، من مقاولات وجماعات ترابية، ومنظمات مجتمع مدني، في إعطاء دفعة قوية لمبادرات «الفعل الشامل من أجل المناخ».
لكن تجري الرياح بما لا تهواه السفن. وتأكد لي ذلك بالملموس مع شبه الصرخة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش الاجتماع السنوي في الأمم المتحدة، خلال اجتماعه مع عدد من قادة العالم في قمة الكوكب الواحد، في محاولة لإحياء اتفاق باريس المناخي، وسط تراجع العديد من الدول عن التزاماتها تجاه الاتفاق التاريخي. ?وتحدث ?ماكرون ?مع ?المشاركين ?في ?فندق ?بلازا ?الفخم ?في ?نيويورك ?لأول ?مرة ?عن ?المحاسبة: «?لسنا ?هنا ?فقط ?للتحدث ?بل ?لتتم ?محاسبتنا»?. ?وبعد ?أن ?كان ?ماكرون ?قد ?حذّر في ?العالم ?الماضي ?قائلاً: «?إننا ?نخسر ?معركة ?التغير ?المناخي»، ?بدأت ?يظهر ?في ?الأفق ?أن ?إعلانات ?قمم أخرى مثل بانكوك ?وسان ?فرانسيسكو ?ولوس ?أنجلوس ?وباريس ?ومراكش.. ?هي مجرد ?حبر ?على ?ورق.


وينبغي أن لا ننسى هنا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد أعلن في يونيو 2017 أن الولايات المتحدة ستنسحب فعلياً، فيما تراجع حماس دول عدة أخرى. وتخلى ترامب عن أهداف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، كما حددها سلفه باراك أوباما، بإلغاء عشرات القوانين الخاصة بالبيئة.
ومما زاد الطين بلة أن دولة بحجم أستراليا، وهي إحدى أكبر الدول المتسببة بالغازات الدفيئة، ألغت خططاً لقوننة خفض الانبعاثات الكربونية. وفي البرازيل، قال المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الأوفر حظاً، جايير بولسونارو، إنه سيسحب بلاده من الاتفاق حال انتخابه. ?
إذن ?نحن في ?طريق ?مسدود، ?خاصة ?مع ?ظهور أمراض ?متتالية ?بدأت ?تصيب ?النظام ?العالمي ?الجديد، ?ويكفي ?أن ?نستحضر ?أنه ?إذا ?كانت ?اتفاقية ?باريس ?تنص ?على ?إنشاء ?الدول ?الغنية ?صندوقاً ?سنوياً ?بقيمة ?100 ?مليار ?دولار ?لمساعدة ?الدول ?النامية ?في ?الرد ?على ?ارتفاع ?حرارة ?الكوكب، ?فإن ?10 ?مليارات فقط ?تم ?جمعها ?حتى ?الآن. ?ووعدت ?الولايات ?المتحدة ?بتقديم ?ثلاثة ?مليارات، ?وأعطت ?ملياراً ?واحداً ?فقط ?في ?فترة ?أوباما.


وستعقد قمة المناخ العالمية المقبلة في بولندا في ديسمبر، لكن الاجتماعات المحضرة لها انتهت إلى طريق مسدود كما يفهم من كلام السكرتيرة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي باتريشا إسبينوزا، وسيبقى هذا الطريق مسدوداً إذ لا توجد رغبة عند كبار الملوثين الصناعيين في تغيير الوضع، وعندما نسمع الأمين العام للأمم المتحدة ومن على منصة الجمعية العامة، يشكو الفوضى العالمية والانهيار القادم، فلا غرو أنه انطلق من ملاحظته للانهيار الويستفالي للدول وعودة مفاهيم الأنانية والقوة وتقويض الاتفاقيات الدولية لتحكم النظام العالمي الجديد، أي زمن اللانظام بعد أن فقد العالم بوصلته وأضحت الازدواجية الأخلاقية سمة من سماته، وبدأ الجميع يبتعد رويداً رويداً عن مشروع الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الخاص بالأنسنة العالمية والسلام الدائم بين الشعوب. 
وعندما نسمع الرئيس ترامب في الأمم المتحدة متهماً الصين بأنها تحاول التدخل في الانتخابات الأميركية المقبلة، قبل أن يضيف: «هم لا يريدونني أنا.. أن أفوز لأنني أول رئيس على الإطلاق يتحدى الصين بشأن التجارة»، فهذا يعني أن النوايا والإرادة السلمية قد تغيرت.

 

 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد