: آخر تحديث
كشف تفاصيل المعركة الدبلوماسية لتثبيت أسس مبادرة الحكم الذاتي بمجلس الامن

بوريطة: التدخل الملكي كان حاسما في إقناع 11 دولة بالتصويت لصالح المغرب

5
5
4

إيلاف من الرباط: قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن "تدخل جلالة الملك محمد السادس كان حاسما في المسار الذي قاد إلى تبني القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية"، موضحا، في لقاء تلفزيوني مطول بثته القناة المغربية الثانية، ليلة السبت، أن "المملكة خاضت عملا دبلوماسيا مكثفا ومباشرا لإقناع 11 دولة عضو في المجلس بالتصويت لصالح الموقف المغربي".

وكشف بوريطة أن الملك محمد السادس هو الذي تواصل شخصيا مع قادة الدول التي كانت مترددة أو غير ملتزمة بموقف واضح، سواء من الأعضاء الدائمين أو الأعضاء الجدد والمتغيرين في مجلس الأمن، مشيرا إلى أن بعض هذه الدول كانت معروفة سابقا بدعمها لجبهة البوليساريو أو بمواقفها المتذبذبة، مثل باكستان وروسيا وبعض الدول الإفريقية والأوروبية. وأوضح أن الملك محمد السادس لم يعتمد فقط على القنوات الدبلوماسية التقليدية، بل لجأ إلى مقاربة شخصية ومباشرة، من خلال اتصالات رفيعة المستوى مع قادة هذه الدول. وقال إن "هذه الاتصالات ركزت على توضيح جدوى مبادرة الحكم الذاتي كحل عملي ومستدام، وإبراز ما تحقق من تنمية واستقرار في الأقاليم الجنوبية بوصفها ضمانة لمصداقية المغرب".

ولأول مرة، كشف بوريطة عن تفاصيل المحادثات التي قادها الملك محمد السادس شخصيا، وقال إن "جلالة الملك شدد في هذه الاتصالات على أن المغرب دولة مسؤولة، تحترم التزاماتها الدولية، وقادرة على حماية مصالح شركائها"، مؤكدا أن هذه المواقف "منحت مصداقية إضافية للموقف المغربي داخل مجلس الأمن". وأضاف الوزير بوريطة أن "المملكة قدمت نفسها كشريك موثوق يمكن الاعتماد عليه، وهو عامل حاسم بالنسبة لعدد من الدول في صياغة مواقفها النهائية"، مشيراً إلى أن المغرب استند كذلك إلى نجاحاته السابقة، خصوصا الاعتراف الأميركي بسيادته على الصحراء عام 2020، لإقناع هذه الدول بأن دعم الموقف المغربي يعني دعم الحل الواقعي والشرعي للقضية.

وفي ما يتعلق بمرحلة ما قبل التصويت، قال بوريطة إن "الأسابيع الأخيرة شهدت تعبئة دقيقة ويومية لكل دولة عضو في مجلس الأمن، حيث كانت هناك متابعة شخصية من جلالة الملك لضمان تحول بعض المواقف المترددة إلى مواقف داعمة"، موضحا أن "التدخل الملكي في بعض الحالات كان مباشرا للغاية، وشمل اتصالات مع قادة دول للتأكيد على أهمية التصويت لصالح الحكم الذاتي كحل واقعي ودائم".

وأوضح الوزير المغربي أن الجهد الدبلوماسي المنسق، والمواكبة الملكية الشخصية تُوجا بتصويت 11 دولة لصالح القرار الأممي، الذي يكرس مبادرة الحكم الذاتي، فيما امتنعت ثلاث دول عن التصويت، وهي روسيا والصين وباكستان، دون أن تعترض أي دولة على القرار. 

واعتبر بوريطة أن هذه النتيجة "تؤكد نجاح المقاربة المغربية التي جمعت بين العمل الدبلوماسي الميداني والتدخل الملكي المباشر، في لحظات حاسمة من المسار الأممي". وأضاف إن "القرار الجديد لمجلس الأمن يعكس اعترافا متزايدا بشرعية الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ويشكل تتويجا لاستراتيجية متكاملة قادها جلالة الملك شخصيا، بمتابعة دقيقة وضمان كامل لمصداقية المغرب أمام المجتمع الدولي".

وفي تفسيره لخلفيات القرار الأممي، أوضح بوريطة أن "القرار الأخير يرسّخ الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد وواقعي للنزاع، ويعزز مكانة المغرب كشريك موثوق ومسؤول في المنطقة"، وأضاف إن "المملكة ماضية بثقة وثبات تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نحو ترسيخ حل سياسي دائم يقوم على الواقعية والإنصاف، ويضمن الاستقرار في المنطقة ويحفظ كرامة جميع الأطراف".

كما تحدث بوريطة عن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، مؤكدا أنها "تظل المرجعية الوحيدة والأساس الواقعي للحل السياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية"، وأن القرار الأممي "يؤكد هذا التوجه ويجعل الحكم الذاتي نقطة الوصول في المفاوضات بين المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، دون أي توسيع للدائرة أو إدخال أطراف جديدة"، مشيرا إلى أن العملية السياسية "ستجرى بإشراف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وبمساندة بعثة المينورسو". وشدد الوزير بوريطة على أن القرار "يكرس بشكل صريح كون الجزائر طرفا أساسيا في النزاع، وليست وسيطا كما تحاول أن تقدم نفسها".

وبخصوص العلاقات المغربية-الجزائرية، قال وزير الشؤون الخارجية إن "المغرب لا يحتاج إلى وساطات خارجية مع الجزائر، لأن العلاقات التاريخية والجغرافية بين البلدين توفر الأساس الكافي للحوار المباشر والمسؤول". وذكّر بالدعوات المتكررة التي وجهها الملك محمد السادس، في العديد من المناسبات، لفتح حوار صريح ومباشر مع الجزائر، وقال بوريطة إن "أي حل مستدام لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إرادة سياسية مشتركة"، وأضاف إن هذا الموقف المغربي "يعكس سياسة اليد الممدودة التي تعتمدها المملكة منذ سنوات". وأكد أن الدبلوماسية المغربية تسير وفق توجيهات الملك، القائمة على الواقعية والمصداقية وتحقيق النتائج الملموسة، مشيرا إلى أن "القرار الأخير هو ثمرة 26 سنة من العمل الملكي المتواصل"، الذي انتقل بالمغرب من مقاربة الاستفتاء إلى مقاربة الحكم الذاتي "التي غيّرت طبيعة النقاش داخل الأمم المتحدة، وجعلت الملف يتحرك في اتجاه الحل الواقعي".

وجدد بوريطة التأكيد بأن الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء مثّل محطة مهمة في هذا المسار، الذي تعزز أيضا عبر شبكة من العلاقات المتوازنة مع القوى الدولية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب 42 دولة إفريقية أيدت هذا الحل الواقعي بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، مبرزا حجم الاستثمارات الكبرى التي أطلقتها المملكة في الأقاليم الجنوبية، خصوصا في العيون والداخلة، والتي تمثل ترجمة ميدانية للرؤية الملكية الهادفة إلى جعل الصحراء المغربية نموذجا للتنمية والاستقرار والانفتاح على إفريقيا. وقال إن "هذا البعد التنموي يعزز مصداقية الموقف المغربي أمام المجتمع الدولي ويمنح للحكم الذاتي بعده الواقعي والمستقبلي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار