إيلاف من الرباط:في تطور دبلوماسي واقتصادي لافت، يقترب المغرب وإسبانيا من إتمام اتفاق لإعادة فتح المعابر التجارية في جيبي سبتة ومليلية المحتلين (شمال المغرب).
ويمثل الاتفاق المنتظر خطوة مهمة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين الجارين ، وسيكون تتويجًا لثلاث سنوات من المفاوضات المكثفة بينهما.
ووفقًا لما نشرته صحيفة "إل باييس" الإسبانية، نقلًا عن مصادر في الحكومة الإسبانية، فإن التفاهم المشترك بين المغرب وإسبانيا يبرز أهمية التعاون الاقتصادي مع احترام المصالح الوطنية لكل طرف.
ورغم التزام الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية الصمت إزاء الموضوع، فإن مصادر حكومية إسبانية أشارت إلى أن اعتراف إسبانيا بمغربية الصحراء كان نقطة تحول محورية دفعت البلدين إلى تجاوز الخلافات التاريخية والدخول في شراكة استراتيجية جديدة.
وينص الاتفاق المرتقب على فتح المعابر البرية بشكل تدريجي، حيث ستُطلق المرحلة الأولى بمرور شاحنة واحدة يوميًا في كل اتجاه عبر نقطتي العبور الحدوديتين. مع اشتراط أن تكون الشاحنات محملة ببضائع محددة تشمل الصادرات المغربية من المنتجات الزراعية، مثل الفواكه والخضروات والأسماك، بينما ستحمّل الشاحنات الإسبانية بمنتجات لا تخرج عن مجال النظافة، والأجهزة المنزلية، والإلكترونيات.
ويهدف هذا النظام التجريبي إلى تنظيم التجارة الثنائية ووضع حد للتجارة غير الشرعية (التهريب) التي كانت سائدة في المنطقة قبل غلق المعابر سنة 2018.
ومع توالي عبور الشاحنات في الاتجاهين، سيتم إنشاء نظام جمركي منظم يخدم مصالح البلدين، ويضع الأسس لشراكة استراتيجية قائمة على الاحترام المتبادل.
اتفاق بأبعاد دبلوماسية واقتصادية
يمثل إعادة فتح معبري سبتة ومليلية نقطة تحول اقتصادي ودبلوماسي، حيث سيعزز مناخ الثقة بين البلدين، وسيفتح آفاقًا جديدة للتعاون التجاري بينهما ، في ظل التحديات التي تواجه المغرب واسبانيا بشأن مستقبل الثغرين. إذ أن المغرب يعتبر سبتة ومليلية جزءًا لا يتجزأ من ترابه الوطني، بينما تراهن إسبانيا على إقرار الجانب المغربي بنظام حكم ذاتي لهما تحت سيادتها.
وبعيدا عن المشاكل السياسية، يحمل هذا الاتفاق أبعادًا إقليمية مهمة، حيث سيعزز من موقع المغرب كمحور اقتصادي بين إفريقيا وأوروبا، ويضع إسبانيا في موقع متقدم كشريك استراتيجي للمغرب في القضايا الإقليمية والدولية. كما أنه يبرز قدرة الطرفين على تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية، مع تجاوز التحديات التقنية والسياسية المرتبطة بالموضوع. كما أن الاتفاق المرتقب، بشأن فتح معابر سبتة ومليلية، يعكس التزام المغرب وإسبانيا بتعزيز العلاقات الثنائية، مع التركيز على تطوير نظام جمركي حديث ومنظم.
هذه الخطوة قد تشكل نموذجًا جديدًا للتعاون الإقليمي، يدعم المصالح المشتركة للبلدين ويُظهر قدرتهما على تجاوز العقبات لتحقيق رؤية استراتيجية تخدم تطلعات شعبيهما.