بين الأزمات الإقليمية والتحديات الدولية، حملت القمة الخليجية رؤية لتعزيز الوحدة والتكامل مع سياسات تستهدف حل النزاعات وتعزيز الاستدامة والتنمية.
إيلاف من لندن: شددت القمة على دور دول الخليج في التصدي للتحديات الإقليمية، بدءاً من دعم الحق الفلسطيني إلى التعامل مع الأزمات في اليمن وسوريا ولبنان، مع التركيز على التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد.
وأكد القادة الخليجيون أهمية الحوار والسيادة في بناء استقرار إقليمي طويل الأمد، مع السعي لإيجاد حلول مشتركة للأزمات العالقة.
دول الخليج تدعم المساعي السعودية لتعزيز التحرك الدولي لوقف الحرب على غزة
حماية السكان في غزة
في ختام القمة الخليجية الـ45 التي استضافتها الكويت، أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي على موقفهم الحازم تجاه العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، مشددين على ضرورة وقف "جرائم القتل وتهجير السكان" التي يرتكبها الاحتلال. دعا القادة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات دون أي قيود أو عراقيل.
كما دعا البيان الختامي للقمة، والمعروف بـ"إعلان الكويت"، مجلس الأمن الدولي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الاستهداف المنهجي للمدنيين وتدمير البنية التحتية. وطالبوا بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وفقًا للقانون الدولي.
قادة دول الخليج خلال قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الكويت أمس
التزام بدعم القضية الفلسطينية
أكد "إعلان الكويت" على مركزية القضية الفلسطينية في سياسات مجلس التعاون، مشددًا على أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. دعا القادة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، تكون القدس الشرقية عاصمتها، كما نصت عليه مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
وأشاد القادة الخليجيون بالجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية لتفعيل "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، وقيادة تحركات دولية تهدف إلى تحقيق السلام الدائم والشامل. كما أعربوا عن تقديرهم لمساهمات قطر في الوساطة الدولية لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
تطلعات للاستقرار
أعرب قادة مجلس التعاون عن ترحيبهم باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لمدة 60 يومًا، معتبرين أنه يمثل خطوة أولى نحو تحقيق سلام دائم في البلاد. ودعا المجلس الأطراف اللبنانية إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتغليب مصلحة الشعب اللبناني على أي انقسامات سياسية.
وأكد القادة على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 1701. كما شددوا على أهمية احترام سيادة لبنان ووحدته واستقلاله، مع توفير الدعم اللازم للقوات المسلحة اللبنانية لتتمكن من حماية البلاد من التهديدات المتطرفة.
علاقات الخليج مع إيران
في كلمته الافتتاحية، أشاد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بما وصفه بـ"البوادر الإيجابية البنّاءة" التي أظهرتها إيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الخطوات في حل الملفات العالقة وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
دعم الإمارات في قضية الجزر المحتلة
على الرغم من إشارات التقارب، أكد "إعلان الكويت" دعم مجلس التعاون لموقف الإمارات بشأن جزرها الثلاث المحتلة (طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى). جدد القادة دعوتهم لإيران إلى تسوية النزاع عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، مؤكدين أن أي إجراءات أحادية الجانب من طهران في الجزر تعتبر باطلة وغير قانونية.
اليمن.. جهود مستمرة لتحقيق السلام
أشاد القادة الخليجيون بالدور السعودي-العماني في إعادة إحياء العملية السياسية باليمن. أكدوا دعمهم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، داعين جماعة الحوثي إلى التجاوب الإيجابي مع الجهود الدولية لإنهاء النزاع. كما أشادوا بالمساعدات الإنسانية والتنموية المقدمة من دول المجلس للشعب اليمني.
سوريا.. دعم للحل السياسي
شدد المجلس على ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. أكد القادة على احترام وحدة الأراضي السورية وسيادتها، مع ضرورة توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين والنازحين بشكل آمن وطوعي.
ليبيا.. ضرورة تعزيز الحوار
دعا القادة الأطراف الليبية إلى وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، مطالبين بخروج القوات الأجنبية وإجراء الانتخابات. وشددوا على دعم مجلس التعاون لأي جهود دولية تساهم في استقرار ليبيا ووحدتها.
تحول اقتصادي ورقمي
أكدت القمة على أهمية التحول الرقمي كركيزة أساسية لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة. أشاد القادة بالبنية التحتية الرقمية المتطورة لدول الخليج، مشيرين إلى أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة تسهم في تعزيز مكانة الخليج كمركز عالمي للاقتصاد الرقمي.
وشددوا على أهمية نهج الاقتصاد الدائري للكربون كأداة لإدارة الانبعاثات وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. كما جدد القادة التزامهم بدعم استقرار أسواق الطاقة العالمية، مع تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف.
روسيا وأوكرانيا.. دعوات مستمرة للحوار
جددت القمة دعوتها لتغليب الحوار كوسيلة لحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وأشاد القادة بجهود الوساطة التي قادتها السعودية وقطر والإمارات في هذا الملف، لا سيما فيما يتعلق بإطلاق سراح أسرى وتسهيل المساعدات الإنسانية.
السودان.. إنهاء النزاع ضرورة ملحّة
دعا القادة الأطراف السودانية إلى الالتزام بالحوار والعمل على إنهاء النزاع المسلح. وأشادوا بالمساعدات الإنسانية المقدمة من دول الخليج لدعم الشعب السوداني في ظل الأزمة الراهنة.
العراق.. تعزيز الشراكة الاقتصادية
رحب القادة بالشراكة بين دول الخليج والعراق، مشددين على أهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت. كما أكدوا دعمهم لاستقرار العراق ومساعدته في مواجهة التحديات الأمنية.
تعزيز التنمية الإقليمية
أشاد المجلس بالتعاون الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق السلام. كما أبدى القادة تفاؤلهم باتفاقيات التجارة الحرة التي يتم التفاوض عليها مع تركيا وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، معتبرين أنها خطوة مهمة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي.
رسالة موحدة
اختتم القادة القمة بالتأكيد على أن وحدة الصف الخليجي هي الضامن الأساسي لاستقرار المنطقة. شددوا على أهمية العمل المشترك لتلبية تطلعات شعوب الخليج، وتعزيز دور المجلس كركيزة للسلام والتنمية المستدامة على المستوى الإقليمي والدولي.